أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8041 - منبر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

13-05-2017 1646 مشاهدة
 السؤال :
كم عدد درجات منبر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ وهل يجوز أن تكون عدد درجات المنبر اليوم أكثر من درجات منبر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ أليس هذا من البدعة المحرمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8041
 2017-05-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لَقَدِ اتَّخَذَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْبَرَهُ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ، وَالأَصْلُ في ذَلِكَ مَا رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ المِنْبَرِ، فَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلَانَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ: «أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادَاً، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ».

فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ (شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ البَادِيَةِ) ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ.

وَكَانَ المِنْبَرُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَقِفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ وَقَفَ الصِّدِّيقُ عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ تَأَدُّبَاً، ثُمَّ وَقَفَ الفَارُوقُ عَلَى الدَّرَجَةِ الأُولَى تَأَدُّبَاً.

ثُمَّ وَقَفَ عُثْمَانُ مَكَانَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ وَقَفَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْقِفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ زِيدَ مِنْ أَسْفَلِهِ سِتُّ دَرَجَاتٍ، في زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَكَانَ الخُلَفَاءُ يَرْتَقُونَ سِتَّاً، وَيَقِفُونَ مَكَانَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَا يَتَجَاوَزُونَ ذَلِكَ تَأَدُّبَاً.

وَلَمَّا قَدِمَ المَهدِيُّ الخَلِيفَةُ العَبَّاسِيُّ إلى المَدِينَةِ اسْتَشَارَ الإِمَامَ مَالِكَاً أَن يُعِيدَهُ إلى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَيَّامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَلَم يُوَافِقْ.

ثانياً: الأَصْلُ في اتِّخَاذِ المِنْبَرِ لِظُهُورِ الخَطِيبِ أَمَامَ النَّاسِ، وَكُلَّمَا ارْتَفَعَ أَمْكَنَ أَنْ يُسْمَعَ صَوْتُهُ بِوُضُوحٍ، وَقَدْ ظَهَرَتْ في العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ مَنَابِرُ عَالِيَةٌ في المَسَاجِدِ الوَاسِعَةِ التي يَجْتَمِعُ فِيهَا الآلَافُ مِنَ النَّاسِ، وَبِدُونِ نَكِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ.

ثالثاً: وَإِذَا كَانَتْ زِيَادَةُ دَرَجَاتِ المِنْبَرِ بِدْعَةً، فَنِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ، كَمَا أَنَّ مُكَبِّرَاتِ الصَّوْتِ أَثْنَاءَ خُطْبَةِ الجُمُعَةِ مِنَ البِدَعِ الحَسَنَةِ التي يُؤْجَرُ عَلَيْهَا صَانِعُوهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

وبناء على ذلك:

فَعَدَدُ دَرَجَاتِ مِنْبَرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ثَلَاثَاً، وَلَا حَرَجَ مِنْ زِيَادَةِ عَدَدِ دَرَجَاتِ المِنْبَرِ عَلَى الثَّلَاثِ؛ وَمَنْ قَالَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَأْتِ بِدَلِيلٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِلَّا كَانَ هُوَ المُبْتَدِعُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِدْعَةً مُحَرَّمَةً، حَيْثُ يُحَرِّمُ أَمْرَاً مَا وَرَدَ فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى، وَلَا حَدِيثٌ مِنْ أَحَادِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1646 مشاهدة