أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8019 - لماذا تسع زوجات لرسول الله   ؟

07-05-2017 89 مشاهدة
 السؤال :
لماذا تزوج سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تسعاً من النساء، وحرم على المسلمين الزواج بأكثر من أربع؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8019
 2017-05-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَبِاخْتِصَارٍ شَدِيدٍ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَـضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالَاً مُبِينَاً﴾. هذا أولاً.

ثانياً: كَانَ الزَّوَاجُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ، وَلَا قَيْدٌ، وَلَا شَرْطٌ، فَللرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ.

فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَبْطَلَ الزَّوَاجَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، روى الحاكم عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَسْلَمَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ؛ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَيَّرَ مِنْهُنَّ أَرْبَعَاً، وَيَتْرُكَ سَائِرَهُنَّ.

وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ مِنْهُنَّ فَبِإِمْكَانِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

ثالثاً: أَمَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يُبْقِيَ عِنْدَهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ اللَّاتِي تَزَوَّجَهُنَّ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ، وَلَا أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ، وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهِنَّ، وَلَا يُبَدِّلَ وَاحِدَةً بِأُخْرَى، قَالَ تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبَاً﴾.

وَالحِكْمَةُ في إِبْقَاءِ جَمِيعِ نِسَائِهِ عِنْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمُ تَطْلِيقِ مَا زَادَ عَنْ أَرْبَعٍ، أَنَّ زَوْجَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ مَكَانَةٌ خَاصَّةٌ، وَحُرْمَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، فَهُنَّ أُمَّهَاتُ المُؤْمِنِينَ، قَالَ تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدَاً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمَاً﴾.

فَلَوْ طَلَّقَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا زَادَ عَلَى الأَرْبَعِ، فَسَيَبْقَيْنَ مَحْرُومَاتٍ طُولَ حَيَاتِهِنَّ مِنَ الزَّوَاجِ بِغَيْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَلَى خِلَافِ غَيْرِهِنَّ مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمِينَ، وَهَذَا يُعْتَبَرُ عُقُوبَةً لَهُنَّ على ذَنْبٍ لَمْ تَجْنِهِ أَيْدِيهِنَّ.

وَلَو تَصَوَّرْنَا أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ نِسَائِهِ التِّسْعِ، وَتَطْلِيقِ البَاقِي، لَكَانَ اخْتِيَارُ الأَرْبَعِ مِنْهُنَّ لِأُمُومَةِ المُؤْمِنِينَ شَرَفٌ لَهُنَّ، وَحُرِمَتِ الخُمْسُ الأُخْرَيَاتُ هَذَا الشَّرَفَ، وفي هَذَا ظُلْمٌ لَهُنَّ.

وبناء على ذلك:

فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَطْلِيقِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ نِسَائِهِ، لِأَنَّ في ذَلِكَ ظُلْمٌ للمُطَلَّقَاتِ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا مِنْ زَوْجَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَبِالمُقَابِلِ قَالَ اللهُ تعالى لَهُ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾. بِمَعْنَى: لَوْ مَاتَ جَمِيعُ نِسَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِهِنَّ.

أَمَّا غَيْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَبِإِمْكَانِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ إِذَا مَاتَتْ زَوْجَاتُهُ الأَرْبَعُ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، كَمَا أَنَّهُ بِإِمْكَانِهِ إِذَا طَلَّقَهُنَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِنَّ.

فَهَلْ هَذَ الأَمْرُ فِيهِ تَوْسِيعٌ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَضْيِيقٌ عَلَى الأُمَّةِ، أَمِ العَكْسُ؟ هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
89 مشاهدة
الملف المرفق