أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6648 - وصية بحرمان

24-12-2014 5735 مشاهدة
 السؤال :
أوصى رجل بأن لا يُعطَى أحد أولاده شيئاً من التركة بعد موته، وأوصى بذلك لبعض أولاده، وحذر بأنه إذا أعطاه فهو غضبان عليه في قبره، ومات الرجل، فهل تعتبر وصية هذا الرجل وصية شرعية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6648
 2014-12-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ».

قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾.

واتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ الوَصِيَّةَ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الوَرَثَةِ الشَّرعِيِّيِنَ بَاطِلَةٌ شَرعَاً، ولا تُعتَبَرُ وَصِيَّةً يَجِبُ تَنْفِيذُهَا.

وجَاءَ في صَحِيحِ الإمام البخاري عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَاسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِن الْأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي.

قَالُوا: بَلَى.

قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَباً.

فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَاراً.

فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا.

فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضاً، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ.

فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».

وبناء على ذلك:

فَوَصِيَّةُ هذا الرَّجُلِ بِحِرْمَانِ بَعْضِ أَولادِهِ من التَّرِكَةِ لَيسَتْ وَصِيَّةً شَرعِيَّةً، وهوَ آثِمٌ في وَصِيَّتِهِ هذهِ، لأنَّ العُقُوقَ لا يَمْنَعُ من الحُقُوقِ.

والإِسلامُ حَرَّضَنَا على طَاعَةِ الوَالِدَينِ، ولكنْ في غَيرِ مَعصِيَةٍ للهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّهُ لا طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ.

لذلكَ يَجِبُ على الوَصِيِّ أن يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَينَ الوَرَثَةِ كَمَا شَرَّعَ اللهُ تعالى، ويُعطِيَ أَخَاهُ الذي أَوصَى وَالِدُهُ بِحِرْمَانِهِ نَصِيبَهُ من التَّرِكَةِ، وغَضَبُ وَالِدِهِ لا يَضُرُّهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5735 مشاهدة