69ـ نحو أسرة مسلمة: المرأةُ المؤمنةُ لَنْ تُخْدَعَ بإذن الله تعالى

69ـ نحو أسرة مسلمة: المرأةُ المؤمنةُ لَنْ تُخْدَعَ بإذن الله تعالى

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فبعد أن ذكرت في الدروس الماضية ماذا يجب على من أراد أن يكون ربَّ أسرة ناجحاً في إدارة أسرته، وأن يسوقها إلى شاطئ الأمان في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى، فإني أريد أن أتحدَّث في الدروس القادمة إن شاء الله تعالى عن الأم التي تمتاز عن سائر الأمهات في هذا العصر، أتحدَّث عن الأم التي تشعر بعبوديتها لله عز وجل، وتعلم علم اليقين بأنها مسؤولة بين يدي الله يوم القيامة عن الأمانة التي عرضها الله تعالى على السموات والأرض فأبت، وحملها الإنسان، كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}.

أتحدَّث عن هذه الأم التي سيسألها ربنا عز وجل يوم القيامة هل حفظت هذه الأمانةَ أم ضيَّعتها؟ يقول صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) وعدَّ منهم: (والمرْأَةُ راعِيةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا ومسؤولة عنْ رعِيَّتِهَا) رواه البخاري.

وجوب تحديد الهوية:

أيها الإخوة: بين يدي الدروس القادمة أقول: يجب على المرأة أن تحدِّد هويَّتها هل هي أَمَةٌ لله عز وجل مملوكةٌ له، راجعةٌ إليه؟ أم أنها حرَّة تنطلق في هذه الحياة الدنيا كيفما تشاء تأخذ ما تريد وتترك ما تريد؟

هل هي مُقَيِّدةٌ نفسها بكتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم أنها مُتَفلِّتَة من ذلك لا قدَّر الله تعالى؟

هل هي ملتزمة قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا}. أم أنها تجعل أمر الله تعالى خلف ظهرها لا قدَّر الله تعالى؟

هل هي عالمة قول الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} أم جاهلة بذلك؟ هل تعلم بأنها إذا لم تُحَكِّم شرع الله في نفسها فإنَّ إيمانها صار في خطر؟

هل هي متذكرةٌ قول الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}. ومتذكرةٌ قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى، قيلَ: وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه؟ هل هي حريصة على دخول الجنة في دار البقاء أم أنها غير مباليةٍ بذلك؟

لذلك يجب على المرأة أن تحدِّد هويَّتها، فإذا حدَّدت هويَّتها وعَرَفَتْ أنها أَمَةٌ لله عز وجل ومملوكةٌ له وراجعةٌ إليه، ومسؤولةٌ بين يديه يوم القيامة، فأقول لها: حديثي معكِ في الدروس القادمة لا مع التي شردت عن جادة الصواب، وظنَّت نفسها بأنها حرَّة، وأنها ليست راجعة إلى الله تعالى.

ومن هذا المنطلق أقول للمرأة المسلمة: أنتِ القدوة لغيركِ، وغيرُك ليست قدوةً لك، وانظري إلى أوامر الله تعالى وأوامر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولي: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}.

لا يجوز لك أن تنظري لغيرك ممن تفلَّتت من دين الله عز وجل واتَّبعت شهواتها، وغرَّها الشرق والغرب، ولم تسمع قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.

المرأة المؤمنة لن تُخدع بإذن الله تعالى:

أيها الإخوة الكرام: المرأة المؤمنة الملتزمة بكتاب الله عز وجل لن تُخدع أبداً بإذن الله تعالى، لأنها على بصيرة من أمرها كما قال تعالى: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين}.

المرأة المسلمة لن يستطيع الغربُ ولا الشرقُ أن يخدعها لأنها على بصيرة من أمرها، ولأنها على هدىً من أمرها، وهذا الهدى أتاها ممن خَلَق الذكر والأنثى، قال تعالى: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير}.

فهي لا تجرِّب التشريعات الوضعيَّة لأنها غنيَّة بالله تعالى الذي أرسل إليها الهدى وقال لها: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}، وقال أيضاً: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى}.

هي على بصيرة من أمرها لأن الله عز وجل عرَّفها ماذا يريد الآخرون منها، قال الله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا}.

خديعة المساواة بين الرجل والمرأة:

أيها الإخوة: إن المرأة المسلمة لن تُخدع بالشعاراتِ البرَّاقة التي تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة، وأصحاب هذه الشعارات يريدون أن يجعلوا الإسلام في قفص الاتهام لمحاكمته لأنه لم يسوِّ بين الرجل والمرأة.

المرأة المسلمة تَعْلَمُ بأن الذي يجب أن يحاكَم هو الغرب الذي ما اعترف بحقِّ المرأة قبل عام /1920/، حيث اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بحقِّ المرأة في ذاك العام، ولم يقنَّنْ عالمياً حقُّ المرأة قبل عام /1948/، حيث أعلنت هيئة الأمم المتحدة حقَّ المساواة للمرأة، وصادقت عليه دول الأعضاء فيما بعد ، فأُمَمُ الأرض لم تقبل بحقِّ المساواة للمرأة قبل عام /1948/، فعُمرُ هذا التشريع البرَّاق اثنان وستون عاماً فقط.

المرأة المسلمة تعلم بأن الإسلام أرسى مبدأ المساواة منذ اللحظة الأولى من نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من ذاك الوقت كانت للمرأة المكانة العظمى، حيث حفظت السيرة موقف السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها موقفاً لا يَقِفُه إلَّا قِلَّة من الرجال، عندما واست النبي صلى الله عليه وسلم.

المكافأة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأول امرأة آمنت:

أيها الإخوة: المرأة المسلمة على بصيرة من أمرها، وهي تعلم بأنه ما أحد أعطاها من الحقوق مثلما أعطاها الإسلام، وهي تعلم بأن الإسلام ما يضيِّع لها موقفاً من المواقف أبداً، وهي تعلم مكافأة اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم لأول امرأة آمنت بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: مكافأة الله تعالى للسيدة خديجة رضي الله عنها:

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ) رواه مسلم. وفي رواية للحاكم والنسائي في السنن الكبرى قالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته).

ثانياً: مكافأة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للسيدة خديجة رضي الله عنها:

روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قال: (اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا). وفي رواية الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم : (مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ). معنى عرف استئذان خديجة: أي تذكَّر السيدة خديجة رضي الله عنها. ومعنى فارتاح: أي فرح فرحاً كثيراً، وكل هذا دليل لحسن العهد وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته.

فهل هناك وفاء للمرأة أعظم من هذا الوفاء الذي شرعه لنا النبي صلى الله عليه وسلم؟

هل الغرب يعرف الوفاء للمرأة بعد موتها؟ بل أقول: هل يعرف الوفاء لها أيام كهولتها وشيخوختها؟

وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا). حاشا الله تعالى أن تكون السيدة عائشة رضي الله عنها تريد أن تزكي نفسها وأنها أفضل من السيدة خديجة عند الله تعالى.

ولكن المقصود وأبدلك الله خيراً منها من حيث السن، فهي شابة صغيرة وكان بكراً رضي الله عنها، أما السيدة خديجة رضي الله عنها فكانت سيدة كبيرة ثيباً، والله تعالى أعلم.

الغرب يجب أن يُحاسب من أجل المرأة:

أيها الإخوة الكرام: المرأة المسلمة تعلم بأن الذي يجب أن يُحاسبَ ويُوضَع في قفص الاتهام هو الغرب الذي ظَلَمَ وما زالَ يظلمُ المرأةَ، لا الإسلام الذي أنصف المرأة من اللحظة الأولى من بدء الوحي، والمرأة المسلمة لا تُخدع أمام بعض المشاهد حيث يقوم الغرب بالانحناء للمرأة في الحفلات والمناسبات وبعض اللقاءات، لأن المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة في الغرب هي:

أولاً: تقوم بأَوَدِ نفسها إذا بلغت سن الرشد، تنفق على نفسها سواء كانت فتاة في بيت أبويها، أم كانت زوجة، حيث لا يُكلَّف الوالد بالنفقة عليها كما لا يُكلَّف الزوج، كما لا يُكلَّف الولد، كلُّ واحد يتحمَّل مسؤولية نفسه، كل واحد يطرق باب العيش منفرداً لنفسه.

أمَّا في دين الله عز وجل وما أعظمه من دينٍ وتشريعٍ، تعلم المرأة المسلمة بأن النفقة واجبة على والدها نحوها ولو كانت غنية حتى تتزوج، وبعده النفقة واجبة على زوجها ولو كانت غنية وهو فقير، فإن رُزِقت بولد فالنفقة واجبة على ولدها إذا فقدت الأب والزوج ولا مال عندها، وإن فقدت الزوج والأب والأخ والولد فالنفقة واجبة على الحاكم من بيت مال المسلمين ولا تكلَّف بالعمل، فأيهما كرَّم المرأة، الإسلام أم الغرب؟

ثانياً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة في الغرب يجب عليها أن تعمل لتعيش مهما كان نوع العمل، سواء كان مضنياً أم لا، وكم من النساء هناك من تعمل في أنفاق المترو بعد منتصف الليل؟ كم من النساء من تعمل مع الحمالين في نقل البضائع؟ كم من النساء من تعمل في قيادة السيارات وتحمل الحقائب للزبائن؟ كم من امرأة تعمل كاسحة للقمامة؟ فهل هذا تكريم للمرأة أم امتهان لها؟

ثالثاً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة الغربية لا ترتبط بالرجال في الغالب الأعم إلا من خلال الصداقة، وربما أن تكون صداقة لأكثر من شخص وتدوم هذه الصداقة سنوات، ثم بعد ذلك إما أن يتزوجها وإما أن يهجرها.

رابعاً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة الغربية يُقْبِل عليها الرجال في مقتبل عمرها وريعان شبابها، فإذا دخلت سنَّ الكهولة وغاضَ منها رونق الشباب مَلَّها الزوج أو الصديق، وأعرض عنها إن لم يتمكَّن من طلاقها.

خامساً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة الغربية تعيش منفردة في بيتها الصغير ليس معها سوى كلبها الوفي بعد أن تُثَبِّتَ خلف بابها الأقفال حتى لا يسطو عليها وعلى بقايا مدَّخراتها أحد من المجرمين.

سادساً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة الغربية إذا استيقظت صباحاً تقوم من فراشها وتذهب إلى السوق لشراء بعض حوائجها من طعام وشراب وهي تصطحب كلبها، وفي طريق عودتها تستريح بحديقة من الحدائق مع كلبها، وتأكل طعامها وشرابها في سنِّ كهولتها وشيخوختها مع كلبها، بعدما أن كانت تأكل مع صديقها أو زوجها أو ولدها.

سابعاً: المرأة المسلمة تعلم بأن المرأة الغربية بعد أن يرميها زوجها أو صديقها بسبب كهولتها أو شيخوختها لا يسعها إلا أن تذهب إلى دور العجزة تلك الدور الفخمة جداً، حيث يُؤَمَّن فيها مظاهر الراحة وأسباب المتعة، فتنطق هذه المرأة الغربية بالشكر لأصحاب هذه الدور، وهي تنتظر، تنتظر ماذا؟ تنتظر ما ينتظره المسافرون في صالات الانتظار من الدرجة الأولى في المطارات وغيرها، تنتظر سفرها إلى الآخرة، فماذا تغني تلك الدور دور العجزة الضخمة الفخمة عن المصير الذي ينتظرها وهي تسافر من الدنيا إلى الآخرة؟

أما عن ضَرْبِ المرأة هناك، وكثرة المطلقات والعوانس، فحدِّث بدون حرج.

خاتمة نسال الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة: ختاماً نقول: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتطلَّع إلى المرأة الغربية التي جرَّدها الغرب من سائر الحقوق وجعلها سلعة من السلع لقضاء شهوته ووطره معها، لا يجوز للمرأة العفيفة الطاهرة أن تقيس نفسها بالمرأة التي فقدت أعزَّ شيء عندها بحجة المساواة. هم يحاولون أن يجعلوا الإسلام متَّهماً لأنه هضم حقوق المرأة في نظرهم، والواقع أن الإسلام سبق الأمم كلَّها في إعطاء المرأة حقها.

وإذا أرادت المرأة المسلمة أن تعرف حقيقة هذا الأمر فلتنظر إلى المرأة الكبيرة عندنا، وإلى المرأة الكبيرة عند الغربيين، عندهم: صاحبُ المرأة الوفي عند كِبَرِ سنِّها هو كلبُها، وأما عندنا فكلَّما تقدَّم العُمُرُ بالمرأة حتى إذا أدخلها سنَّ الكهولة أو الشيخوخة التمسنا منها البركة والدعاء، وطلبنا رضاها، والكلُّ في خدمتها ليلاً ونهاراً، والكلُّ حريصٌ على رضاها، وعندما كانت في سن الصبا أوصانا بها الإسلام كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ).

بعد هذه المقدِّمة تعالوا لنتحدث عن الأم المتميزة عن سائر الأمهات في ديننا، وذلك خلال الدروس القادمة إن شاء الله تعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2010-01-06
 3383
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4140 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4140
21-01-2018 4994 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4994
14-01-2018 3595 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3595
08-01-2018 4180 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4180
31-12-2017 4208 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4208
24-12-2017 3996 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3996

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412724821
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :