154-نحو أسرة مسلمة:«تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»

154-نحو أسرة مسلمة:«تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»

 

نحو أسرة مسلمة

154ـ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: نَحْنُ نَنْظُرُ إلى النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ، وَالإِنْسَانُ المُسْلِمُ لَا يَنْتَقِصُ مِنْ شَأْنِ المَرْأَةِ، وَلَا يُصَغِّرُ مِنْ شَخْصِيَّتِهَا، فَهِيَ أُمٌّ لِلْجَمِيعِ؛ فَأُمُّ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ امْرَأَةٌ، وَأُمُّ الأُدَبَاءِ وَالفُصَحَاءِ وَالبُلَغَاءِ امْرَأَةٌ، وَأُمُّ الزُّعَمَاءِ وَالقَادَةِ امْرَأَةٌ، وَأُمُّ العُلَمَاءِ وَالمُرْشِدِينَ وَالمُرَبِّينَ وَالنُصَّاحِ وَالوَاعِظِينَ امْرَأَةٌ؛ فَالمَرْأَةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُحْتَرَمَةٌ، فَهِيَ أُمُّنَا، وَأُخْتُنَا، وَبِنْتُنَا، وَعَمَّتُنَا، وَخَالَتُنَا، وَمَا دَامَتْ كَذَلِكَ، فَيَجِبُ على الأَزْوَاجِ أَنْ يَتَعَامَلُوا مَعَ نِسَائِهِمْ بِكَامِلِ الآدَابِ وَالأَخْلَاقِ التي حَرَّضَنَا عَلَيْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَمِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ» رواه الحاكم والترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

«تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ»:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي أَوْصَانَا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَقَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَالَ الحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَن هُوَ أَخْبَرُ وَأَعْرَفُ مَخْلُوقٍ بِالمَرْأَةِ، وَبِالتَّكْوِينِ الذي خُلِقَتْ مِنْهُ، وَبِالصَّبْغَةِ التي صُبِغَتْ عَلَيْهَا، وَبِالجِبِلَّةِ التي فُطِرَتْ عَلَيْهَا، لِأَنَّ اللهَ تعالى عَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْهِ عَظِيمَاً، صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي أَوْصَانَا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً يُعْطِينَا وَصْفَهُنَّ، حَتَّى نَعْلَمَ كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهُنَّ، فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يَرْوِي الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ (أَي: ذَاتُ رَأْيٍ): وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟

قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ».

قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟

قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ؛ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ».

وفي رِوَايَةٍ للإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ».

قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟

قَالَ: «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئَاً، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرَاً قَطُّ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي أَوْصَى بِالنِّسَاءِ، وَكَانَ زَوْجَاً و            َعَاشَرَ النِّسَاءَ، وَعَرَفَ أَخْلَاقَهُنَّ، لِأَنَّهُ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا أَنْ أَرْسَلَهُ اللهُ تعالى لَنَا بَـشَرَاً رَسُولَاً، وَلَمْ يُرْسِلْهُ مَلَكَاً رَسُولَاً؛ لَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ تعالى بَشَرَاً لِيَكُونَ لَنَا قُدْوَةً، وَلِذَلِكَ عَاشَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ نِسَائِهِ كَمَا عَاشَ الأَنْبِيَاءُ وَالمُرْسَلُونَ مِنْ قَبْلِهِ مَعَ نِسَائِهِمْ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجَاً وَذُرِّيَّةً﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْرَفُ الخَلْقِ بِالنِّسَاءِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُصْلِحُ وَيُرَبِّي وَيُرْشِدُ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَطَبْعَهُ وَأَخْلَاقَهُ وَمَا جُبِلَ عَلَيْهِ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَتَعَامَلْ مَعَ نِسَائِنَا مِنْ خِلَالِ وَصْفِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِطَبِيعَتِهِنَّ: «إِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً». «وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ». «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ». وَهَذَا تَوْصِيفٌ وَلَيْسَ تَنْقِيصَاً مِنْ شَأْنِ المَرْأَةِ، حَتَّى يَعْلَمَ الرِّجَالُ كَيْفَ يَتَعَامَلُونَ مَعَ نِسَائِهِمْ.

فَالمَرْأَةُ بِشَكْلٍ عَامٍّ تَكْفُرُ العَشِيرَ ـ يَعْنِي الزَّوْجَ ـ تَجْحَدُ الزَّوْجَ، فَلَوْ أَحْسَنَ لَهَا طُولَ الـعُمُرِ ثمَّ أَسْخَطَهَا مَرَّةً، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرَاً قَطُّ؟ تُنْكِرُ الجَمِيلَ، وَتَجْحَدُ النِّعْمَةَ.

المَرْأَةُ بِشَكْلٍ عَامٍّ تُكْثِرُ اللَّعْنَ، تَلْعَنُ كُلَّ مَنْ حَوْلَهَا، تَلْعَنُ الوَلَدُ، وَتَلْعَنُ رُبَّمَا الزَّمَانَ وَالدَّهْرَ، وَتَلْعَنُ اليَوْمَ الذي رَأَتْ فِيهِ زَوْجَهَا، وَتَلْعَنُ عَيْشَهَا في بَيْتِ زَوْجِهَا، تُكْثِرُ مِنَ اللَّعْنِ حَتَّى للدَّوَابِّ.

روى الإمام مسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا.

فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ».

قَالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ، مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ (يَعْنِي النَّاقَةَ).

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الذي أَوْصَانَا بِالإِحْسَانِ إلى المَرْأَةِ، هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي وَصَفَ لَنَا طَبِيعَةَ المَرْأَةِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِيُعَلِّمَنَا كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهُنَّ في الوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَالنُّصْحِ، لِأَنَّا سَوْفَ نُسْأَلُ عَنْهُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وَعَدَّ مِنْهُمْ: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

كُنْ على بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِذَلِكَ أَقُولُ لِكُلِّ زَوْجٍ فِينَا، لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ، تَعَلَّمْ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَبِيعَةَ المَرْأَةِ أَوَّلَاً، ثمَّ تَعَلَّمِ الوَعْظَ وَالنُّصْحَ وَالإِرْشَادَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثَانِيَاً، وَإِلَّا فَلَنْ تَسْتَقِيمَ حَيَاتُكَ مَعَ زَوْجَتِكَ، لِأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَمَا عَرَفَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ طَبِيعَةَ المَرْأَةِ مِنْ خِلَالِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَرَفُوا أَخْلَاقَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بُيُوتِهِ، وَأَخَذُوا بِتَوْجِيهَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَيَاتِهِمْ مَعَ نِسَائِهِمْ، اسْتَطَاعُوا أَنْ يَجْعَلُوا بُيُوتَهُمْ بُيُوتَاً عَامِرَةً بِطَاعَةِ اللهِ تعالى، وَبِطَاعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَاشُوا حَيَاةً طَيِّبَةً، وَنَشَّأُوا في بُيُوتِهِمْ رِجَالَاً صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، فَأُسِّسَتْ بُيُوتُهُمْ على تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ، فَكَانَتْ قَوِيَّةً مُتَمَاسِكَةً؛ أَمَّا اليَوْمَ فَبَعْضُ البُيُوتِ أُسِّسَتْ على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، الرَّجُلُ مَا عَرَفَ طَبِيعَةَ المَرْأَةِ، وَالمَرْأَةُ مَا عَرَفَتْ طَبِيعَةَ الرَّجُلِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِهَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذَا كَثُرَ الطَّلَاقُ، وَلَمْ يُنْجِبِ الزَّوْجَانِ ذُرِّيَّةً تَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُمَا، وَصَدَقَ قَوْلُ اللهِ تعالى فِيهِمْ: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرَاً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾.

اللَّهُمَّ ارْزُقنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْزُقُ أَحْسَنَهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّءَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يصْرِفُ سَيّئَهَا إِلَّا أَنْتَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 26/ ربيع الأول /1438هـ، الموافق: 25/ كانون الأول / 2016م

 2016-12-25
 1459
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4043 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4043
21-01-2018 4874 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4874
14-01-2018 3492 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3492
08-01-2018 4086 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4086
31-12-2017 4098 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4098
24-12-2017 3877 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3877

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411974250
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :