275-مع الحبيب المصطفى:نموذج فريد من رحمته   

275-مع الحبيب المصطفى:نموذج فريد من رحمته   

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

275ـ نموذج فريد من رحمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: خُلُقُ الرَّحْمَةِ هُوَ مِنْ أَخْلَاقِ الدُّعَاةِ إلى اللهِ تعالى؛ وَسَادَةُ الدُّعَاةِ هُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالمُرْسَلُونَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِذَا كَانَ هَذَا الخُلُقُ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ لِقَوْمِهِ: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.

هَذَا الخَوْفُ هُوَ نَتِيجَةُ الرَّحْمَةِ التي يَحْمِلُهَا في قَلْبِهِ، وَنَتِيجَةُ الشَّفَقَةِ المَوْجُودَةِ في نَفْسِهِ، وَهِيَ التي تَجْعَلُهُ يَخْشَى عَلَى قَوْمِهِ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ؛ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الرَّحْمَةُ مُتَجَسِّدَةً في قَلْبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى شَهِدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

فَكَمْ مَرَّةً صَعِدَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَجْلِ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ عَنِ الأُمَّةِ، حَتَّى صَارَتْ خَمْسَاً بَدَلَاً مِنْ خَمْسِينَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَمَا جَاءَ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقْرِئُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، أَقْرَأَهُ القُرْآنَ على حَرْفٍ وَاحِدٍ، فَاسْتَزَادَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى أَنْ صَارَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، روى الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ (أَيْ: عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ)». وَكُلُّ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَشُقَّ على أُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

بَلْ كَانَ يَدْعُو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ كَثِيرَاً: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. «اللهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» رواه البيهقي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَدَعَا لَهُمْ بِالحِفْظِ وَالعِنَايَةِ وَالغَيْثِ، وَأَنْ لَا يَأْخُذَهُمُ اللهُ تعالى بِالخَسْفِ وَلَا المَسْخِ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدَاً؛ وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَبَّأَ دَعْوَتَهُ العُظْمَى لِأُمَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، عِنْدَمَا يَكُونُ النَّاسُ بِأَشَدِّ الحَاجَةِ وَأَمَسِّهَا إِلَيْهَا، حَيْثُ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَنْفَكُّوا مِنْ أَرْضِ المَحْشَرِ، أَنْ يَنْفَكُّوا مِنْ هَذَا المَوْقِفِ العَصِيبِ وَلَو إلى نَارِ جَهَنَّمَ لِشِدَّةِ مَا يُلَاقُونَ؛ عِنْدَهَا تُدْرِكُهُمْ شَفَاعَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العُظْمَى، وَيَبْدَأُ الحِسَابُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئَاً».

الرَّحْمَةُ مَطْلُوبَةٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ تعالى بِدِينٍ سِمَتُهُ الرَّحْمَةُ، وَقَدْ كَتَبَ اللهُ تعالى الرَّحْمَةَ على نَفْسِهِ، وَتَسَمَّى بِهَا فَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، قَالَ تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.

وَقَدْ صَحَّ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ للهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعَاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَفِي رِوَايَةِ الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَا بُدَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَكُونَ رَحِيمَاً، وَخَاصَّةً إِنْ كَانَ رَاعِيَاً، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ، لَا بُدَّ  أَنْ يَكُونَ خُلُقُ الرَّحْمَةِ في كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الأُمَّةِ حَتَّى يُرْحَمَ «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ، وَيَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ» رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

خُلُقُ الرَّحْمَةِ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ إِنْ كَانَ صَادِقَاً في حُبِّهِ للهِ تعالى، وَفِي حُبِّهِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. خُلُقُ الرَّحْمَةِ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.

نَمُوذَجٌ فَرِيدٌ مِنْ رَحْمَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ أَخْلَاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في المَوَاطِنِ التي رُبَّمَا يَفْقِدُ فِيهَا الرُّحَمَاءُ رَحْمَتَهُمْ.

النَّاسُ عِنْدَمَا يَخُوضُونَ المَعَارِكَ وَيَسُوسُونَ البَشَرَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، تَقْسُو قُلُوبُهُمْ، وَتَجِفُّ دُمُوعُهُمْ، وَنَادِرَاً مَا تَجِدُ المُوغِلَ في ذَلِكَ مُتَّصِفَاً بِصِفَةِ الرَّحْمَةِ، وَلَكِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنِ اقْتَدَى بِهِ، لَيْسَ مِنْ هَذَا الطِّرَازِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَطْغَى وَصْفٌ مِنْ صِفَاتِ القُوَّةِ وَالشِّدَّةِ على خُلُقِ الرَّحْمَةِ أَبَدَاً.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:  لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُقَاتِلَاً، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَشْجَعُ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ يَقُولُ سَيِّدُنَا البَرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ (أَيْ: إِذَا حَمِيَ الوَطِيسُ وَاشْتَدَّ القِتَالُ) نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. رواه الإمام مسلم. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ هَذَا صَابِرَاً، وَلَمْ يُوجَدْ في الخَلْقِ أَصْبَرَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَتْ عَيْنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَفِيضُ بِالدَّمْعِ رَحْمَةً وَشَفَقَةً على مَنْ يُقَاتِلُهُ.

فَمَا فَقَدَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُلُقَ الرَّحْمَةِ حَتَّى في المَوَاطِنِ التي يَفْقِدُ فِيهَا الرُّحَمَاءُ رَحْمَتَهُمْ؛ أُوذِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَاضْطُهِدَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».

روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟». فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَكَذَا يَجِبُ أَنْ نَكُونَ، وَخَاصَّةً مَعَ مَنْ نَدْعُوهُمْ إلى اللهِ تعالى، هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاةُ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّ مَنْ يَقِفُ مَوْقِفَ الدَّاعِي إلى الخَيْرِ فَإِنَّهُ يَقِفُ مَوْقِفَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ وَقَفَ هَذَا المَوْقِفَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ تعالى، وَأَنْ يَقُولَ: يَا رَبِّ، مَنْ أَنَا حَتَّى أَكُونَ مُذَكِّرَاً وَهَادِيَاً وَدَلِيلَاً إلى سَبِيلِكَ؟ مَنْ أَنَا حَتَّى أُبَلِّغَ آيَاتِكَ؟ مَنْ أَنَا حَتَّى أُبَلِّغَ حَدِيثَ نَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ مَنْ أَنَا حَتَّى أَقِفَ مَوْقِفَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

فَيَا مَنْ وَقَفْتَ مَوْقِفَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَاعِيَاً وَهَادِيَاً وَمُبَلِّغَاً، تَخَلَّقْ بِأَخْلَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَا تَكُونَ مُنَفِّرَاً عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِلَّا فَاجْلِسْ في بَيْتِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ؛ فَكَمْ وَكَمْ مِنْ أُنَاسٍ نَفَّرُوا النَّاسَ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ سُوءِ أَخْلَاقِهِمْ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ أَخْلَاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ وُرَّاثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَقِيقِيِّينَ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ دُعَاةِ الصَّلَاحِ وَالإِصْلَاحِ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ وَأَخْيَارِهَا؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».

لِسَانُ حَالِ الدَّاعِي إلى اللهِ تعالى بِحَقٍّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ». لَا يَعْلَمُونَ أَنَّنَا نُحِبُّ لَهُمُ الخَيْرَ، لَا يَعْلَمُونَ أَنَّنَا نُحِبُّ لَهُمْ سَلَامَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَا يَعْلَمُونَ أَنَّنَا نُحِبُّ لَهُمْ عِزَّ الدُّنْيَا وَعِزَّ الآخِرَةِ، لَا يَعْلَمُونَ أَنَّنَا لَا نُحِبُّ لَهُمُ الشَّرَّ وَلَا السُّوءَ، وَخَاصَّةً سُوءَ الخَاتِمَةِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الرُّحَمَاءِ بِخَلْقِ اللهِ جَمِيعَاً. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 4/ ربيع الثاني /1438هـ، الموافق: 1/ كانون الثاني / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2336 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2336
20-06-2019 1386 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1386
28-04-2019 1169 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1169
28-04-2019 1181 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1181
21-03-2019 1764 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1764
13-03-2019 1629 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1629

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412619716
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :