28ـ بر الوالدين:يعطي للابتلاء، ويأخذ للابتلاء

28ـ بر الوالدين:يعطي للابتلاء، ويأخذ للابتلاء

 

بر الوالدين

28ـ يعطي للابتلاء، ويأخذ للابتلاء

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالى هَؤُلَاءِ الأَوْلَادَ أَمَانَةً عِنْدَ وَالِدِيهِمْ، وَعَارِيَةً يَسْتَرِدُّهَا مَتَى شَاءَ تَبَارَكَ وتعالى، وَهَذَا مَا قَالَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ لِأَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ.

قَالَ: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً، فَأَكَلَ وَشَرِبَ.

فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا.

فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمَاً أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟

قَالَ: لَا.

قَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ.

قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا».

قَالَ: فَحَمَلَتْ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ، لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقَاً، فَدَنَوْا مِنَ المَدِينَةِ، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى.

قَالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، قَالَ: وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلَدَتْ غُلَامَاً فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ، لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟».

قُلْتُ: نَعَمْ، فَوَضَعَ الْمِيسَمَ، قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ المَدِينَةِ، فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ».

قَالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.

يُعْطِي للابْتِلَاءِ، وَيَأْخُذُ للابْتِلَاءِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سُنَّةُ اللهِ تعالى في خَلْقِهِ أَنَّهُ يُعْطِي للابْتِلَاءِ، وَيَأْخُذُ للابْتِلَاءِ، يُعْطِي لِيَرَى شُكْرَ العَبْدِ، وَيَأْخُذُ لِيَرَى صَبْرَ العَبْدِ، فَإِذَا شَكَرَ كَانَ مِنَ النَّاجِحِينَ، وَإِذَا صَبَرَ كَانَ مِنَ النَّاجِحِينَ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ شَكَرَ في العَطَاءِ، وَصَبَرَ في الأَخْذِ وَالمَنْعِ.

فَالأَوْلَادُ عِنْدَنَا عَطِيَّةٌ مِنَ اللهِ تعالى، وَمُتْعَةٌ يُمَتِّعُنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا ﴿المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ أَمَلَاً﴾.

وَهُمْ هِبَةٌ مِنَ اللهِ تعالى ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثَاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثَاً﴾.

وَهَذِهِ الهِبَةُ للاخْتِبَارِ وَللابْتِلَاءِ، وَهُمْ عَارِيَةٌ مُسْتَرَدَّةٌ، يَسْتَرِدُّهَا اللهُ تعالى مَتَى شَاءَ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَـشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: طَالَمَا الأَبْنَاءُ أَمَانَةٌ عِنْدَ وَالِدِيهِمْ، لِذَا أَوْصَى اللهُ تعالى بِهِمْ، فَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾.

وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ الأَوْلَادِ، سَوَاءٌ مِنْ فَقْرٍ أَو خَشْيَةِ الفَقْرِ، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَكَفَّلَ بِرِزْقِ الجَمِيعِ.

قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئَاً كَبِيرَاً﴾.

لَمَّا كَانَ الفَقْرُ مَوْجُودَاً قَدَّمَ رِزْقَ الوَالِدَيْنِ، وَهَذَا كَمَا في الآيَةِ الأُولَى، وَلَمَّا كَانَ الفَقْرُ غَيْرَ مَوْجُودٍ ـ إِنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ ـ فَقَدْ قَدَّمَ رِزْقَ الأَوْلَادِ، وَفِي كِلَا الحَالَتَيْنِ الرِّزْقُ مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى، وَهُوَ المُتَكَفِّلُ بِذَلِكَ تَبَارَكَ وتعالى.

ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ قِيَامَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ بِرِعَايَةِ هَذِهِ الأَمَانَةِ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ شَرْعَاً، وَلَكِنْ وَبِكُلِّ أَسَفٍ لَقَدْ ضُيِّعَت هَذِهِ الأَمَانَةُ؛ ضَيَّعَ الكَثِيرُ مِنَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ أَبْنَاءَهُمْ فَلْذَاتِ أَكْبَادِهِمْ، تُرِكَ الأَبْنَاءُ للشَّوَارِعِ، وَقُرَنَاءِ السُّوءِ، تُرِكُوا للأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ بِكُلِّ أَسَفٍ، فَتَعَلَّمَ الأَبْنَاءُ مَا لَا يُرْضِي اللهَ تعالى مِنْ أَلْفَاظِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَاللَّعْنِ وَالكُفْرِ، مَعَ ارْتِكَابِ المُوبِقَاتِ، وَنَسِيَ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ أَنَّ الأَبْنَاءَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُمْ، وَهُمْ مَسْؤُولُونَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، هَلْ حَافَظُوا عَلَى هَذِهِ الأَمَانَةِ أَمْ ضَيَّعُوهَا؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الأُسْرَةُ الكَرِيمَةُ الرَّاشِدَةُ هِيَ التي تَقُومُ عَلَى حِمَايَةِ وَرِعَايَةِ الأَبْنَاءِ الذينَ هُمْ رِجَالُ الأُمَّةِ وَنِسَاؤُهَا، كَمْ مِمَّنْ أَشْقَى وَلَدَهُ وَفَلْذَةَ كَبِدِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِإِهْمَالِهِ وَتَرْكِ تَأْدِيبِهِ، وَإِعَانَتِهِ عَلَى شَهَوَاتِهِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُكْرِمُهُ، وَالحَقِيقَةُ أَنَّهُ قَدْ أَهَانَهُ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَظْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ فَقَدْ فَقَدَ انْتِفَاعَهُ بِوَلَدِهِ، وَفَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ حَظَّهُ مِنَ الوَلَدِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ دَقَّقَ في فَسَادِ الأَوْلَادِ، فَإِنَّهُ يَجِدُ أَنَّ سَبَبَهُ في الغَالِبِ الأَعَمِّ مِنْ قِبَلِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الأَوْلَادُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، وَهُمْ مَسْؤُولُونَ عَنْ دِينِهِمْ وَتَزْكِيَةِ أَخْلَاقِهِمْ، وَتَرْبِيَتِهِمْ عَلَى النَّهْجِ السَّلِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

لَقَدِ اهْتَمَّ الأَنْبِيَاءُ وَالمُرْسَلُونَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهَذِهِ الأَمَانَةِ، وَكَانَتْ وَصِيَّتُهُمْ لِأَبْنَائِهِمْ وَخَاصَّةً عِنْدَ مَوْتِهِمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

وَكَذَلِكَ اهْتَمَّ الأَوْلِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ بِالأَوْلَادِ الذينَ هُمْ هِبَةٌ مِنَ اللهِ تعالى.

فَهَذَا سَيِّدُنَا لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوصِي وَلَدَهُ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلَى هَذِهِ الأَمَانَةِ: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

وَهَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بِقَوْلِهِ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِـشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» رواه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَتَّقِ اللهَ تعالى في هَذِهِ الأَمَانَةِ أَمَانَةِ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ، فَقَدْ طَوَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ أَعْنَاقَنَا، قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾.

هَذِهِ الأَمَانَةُ إِمَّا أَنْ يَسْتَرِدَّهَا اللهُ تعالى مِنَّا وَنَحْنُ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ، وَتَنْتَهِي بِذَلِكَ المَسْؤُولِيَّةِ، وَسَوْفَ يُسْأَلُ الوَالِدُ وَالوَالِدَةُ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ اللهُ تعالى المُؤَمَّنَ عَلَيْهَا لِيَسْأَلَهُ هَلْ حَفِظَ الأَمَانَةَ أَمْ ضَيَّعَهَا، تَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المُرْسَلِينَ﴾.

وَكَذَلِكَ كُونُوا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ الوَالِدَيْنِ عَنْ أَوْلَادِهِمْ، كَمَا سَيَسْأَلُ الأَبْنَاءَ عَنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِحِفْظِ هَذِهِ الأَمَانَةِ عَلَى النَّحْوِ الذي يُرْضِيكَ عَنَّا. آمين.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 24/ ربيع الأول /1440هـ، الموافق: 2/ كانون الأول / 2018م

 2018-12-02
 1421
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين

25-10-2020 2215 مشاهدة
71ـ لين الجانب لهما والقول الكريم لهما

مَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ، أَنْ يُخَاطِبَهُمَا بِالقَوْلِ اللَّيِّنِ، وَالكَلَامِ اللَّطِيفِ، وَلَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُخَاطِبَهُمَا بِالعِبَارَاتِ الحَادَّةِ، وَالكَلِمَاتِ النَّابِيَةِ، وَالغِلْظَةِ ... المزيد

 25-10-2020
 
 2215
18-10-2020 1623 مشاهدة
70ـ الإنفاق على الوالدين الفقيرين

وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ، الإِنْفَاقُ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ، وَلْيَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ لَهُمَا مِنْ زَكَاةِ أَمْوَالِهِ، لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى ... المزيد

 18-10-2020
 
 1623
04-10-2020 988 مشاهدة
69ـ الحرص على هدايتهما (2)

حُقُوقُ الوَالِدَيْنِ عَلَى الوَلَدِ كَبِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ جِدًّا، وَمِنْ هَذِهِ الحُقُوقِ أَنْ يَكُونَ الوَلَدُ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ وَالِدَيْهِ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، وَأَنْ يَكُونَ نَاصِحًا أَمِينًا لَهُمَا بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ، وَخَاصَّةً ... المزيد

 04-10-2020
 
 988
21-09-2020 785 مشاهدة
68ـ الحرص على هدايتهما (1)

هَذَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ وَالِدِهِ كُلَّ الحِرْصِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى لَنَا قِصَّتَهُ في القُرْآنِ العَظِيمِ لِيَكُونَ أُسْوَةً لَنَا في تَقْدِيمِ النُّصْحِ وَالحِرْصِ ... المزيد

 21-09-2020
 
 785
08-03-2020 1732 مشاهدة
67ـ وجوب توقيرهما وتكريمهما

مَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ أَنْ يُوَقِّرَهُمَا وَيُكْرِمَهُمَا، فَلَا يَصِفَهُمَا بِوَصْفٍ لَا يَلِيقُ بِهِمَا، وَلَا يُنَادِيهِمَا بِأَسْمَائِهِمَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِمَهُمَا في مَجْلِسِهِمَا. كَيْفَ لَا يَكُونُ ... المزيد

 08-03-2020
 
 1732
06-03-2020 1167 مشاهدة
66ـ شكر الله تعالى على ما أنعم (2)

مِنْ فَوَائِدِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ كَمَالُ الإِيمَانِ، وَحُسْنُ الإِسْلَامِ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ، وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ المُوصِلُ إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَهُوَ سَبَبٌ في بَرَكَةِ العُمُرِ، ... المزيد

 06-03-2020
 
 1167

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411987449
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :