أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5115 - هل بدل الخلو (الفروغ) حرام أم حلال؟

30-04-2012 58029 مشاهدة
 السؤال :
 2012-04-30
تعارف الناس اليوم في عقود آجار المحلات التجارية، على أن يدفع المستأجر للمؤجِّر المالك الحقيقي مبلغاً من المال متفق عليه بينهما في بداية العقد، ويسمُّونه بدل خلوٍّ أو فروغاً، ثم يدفع الآجار الشهري أو السنوي، فهل هذا جائز شرعاً؟ وهل يحقُّ للمستأجر أن يؤجِّر المحلَّ لآخر ويأخذ منه بدل خلوٍّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5115
 2012-04-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ جَاءَ في قَرَارَاتِ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ قَرَارٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، رقم /31/ (6/4)، وَنَصُّهُ مَا يَلِي:

إِنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ الدُّوَلِيِّ المُنْعَقِدِ في دَوْرَةِ مُؤْتَمَرِهِ الرَّابِعِ بِجِدَّةَ في المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ مِنْ 18ـ23 جمادى الآخرة 1408 الموافق 6ـ11 شباط (فبراير) 1988م، بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الأَبْحَاثِ الفِقْهِيَّةِ الوَارِدَةِ إلى المَجْمَعِ بِخُصُوصِ بَدَلِ الخُلُوِّ؛ وَبِنَاءً عَلَيْهِ، قَرَّرَ مَا يَلِي:

أولاً: تَنْقَسِمُ صُوَرُ الاتِّفَاقِ عَلَى بَدَلِ الخُلُوِّ إلى أَرْبَعِ صُوَرٍ، هِيَ:

1ـ أَنْ يَكُونَ الاتِّفَاقُ بَيْنَ مَالِكِ العَقَارِ وَبَيْنَ المُسْتَأْجِرِ عِنْدَ بَدْءِ العَقْدِ.

2ـ أَنْ يَكُونَ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ المَالِكِ، وَذَلِكَ في أَثْنَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ الإِجَارَةِ أَو بَعْدَ انْتِهَائِهَا.

3ـ أَنْ يَكُونَ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ مُسْتَأْجِرٍ جَدِيدٍ، في أَثْنَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ الإِجَارَةِ أَو بَعْدَ انْتِهَائِهَا.

4ـ أَنْ يَكُونَ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المُسْتَأْجِرِ الجَدِيدِ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنَ المَالِكِ وَالمُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ، قَبْلَ انْتِهَاءِ المُدَّةِ، أَو بَعْدَ انْتِهَائِهَا.

ثانياً: إِذَا اتَّفَقَ المَالِكُ وَالمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ المُسْتَأْجِرُ للمَالِكِ مَبْلَغَاً مَقْطُوعَاً زَائِدَاً عَنِ الأُجْرَةِ الدَّوْرِيَّةِ ـ وَهُوَ مَا يُسَمَّى في بَعْضِ البِلَادِ خُلُوَّاً ـ فَلَا مَانِعَ شَرْعَاً مِنْ دَفْـِعِ هَذَا المَبْلَغِ المَقْطُوعِ، عَلَى أَنْ يُعَدَّ جُزْءَاً مِنْ أُجْرَةِ المُدَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَفِي حَالَةِ الفَسْخِ تُطَبَّقُ عَلَى هَذَا المَبْلَغِ أَحْكَامُ الأُجْرَةِ.

ثالثاً: إِذَا تَمَّ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المَالِكِ وَبَيْنَ المُسْتَأْجِرِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الإِجَارَةِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ المَالِكُ إلى المُسْتَأْجِرِ مَبْلَغَاً مُقَابِلَ تَخَلِّيهِ عَنْ حَقِّهِ الثَّابِتِ بِالعَقْدِ في مُلْكِ مَنْفَعَةٍ بَقِيَّةَ المُدَّةِ، فَإِنَّ بَدَلَ الخُلُوِّ هَذَا جَائِزٌ شَرْعَاً، لِأَنَّهُ تَعْوِيضٌ عَنْ تَنَازُلِ المُسْتَأْجِرِ بِرِضَاهُ عَنْ حَقِّهِ في المَنْفَعَةِ التي بَاعَهَا للمَالِكِ.

أَمَّا إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِجَارَةِ، وَلَمْ يَتَجَدَّدِ العَقْدُ، صَرَاحَةً أَو ضِمْنَاً، عَنْ طَرِيقِ التَّجْدِيدِ التِّلْقَائِيِّ حَسْبَ الصِّيغَةِ المُفِيدَةِ لَهُ، فَلَا يَحِلُّ بَدَلَ الخُلُوِّ، لِأَنَّ المَالِكَ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَقِّ المُسْتَأْجِرِ.

رابعاً: إِذَا تَمَّ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ وَبَيْنَ المُسْتَأْجِر الجَدِيدِ، في أَثْنَاءِ مُدَّةِ الإِجَارَةِ، عَلَى التَّنَازُلِ عَنْ بَقِيَّةِ مُدَّةِ العَقْدِ، لِقَاءَ مَبْلَغٍ زَائِدٍ عَنِ الأُجْرَةِ الدَّوْرِيَّةِ، فَإِنَّ بَدَلَ الخُلُوِّ هَذَا جَائِزٌ شَرْعَاً، مَعَ مُرَاعَاةِ مُقْتَضَى عَقْدَ الإِجَارَةِ المُبْرَمِ بَيْنَ المَالِكِ وَالمُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ، وَمُرَاعَاةِ مَا تَقْضِي بِهِ القَوَانِينُ النَّافِذَةُ المُوَافِقَةُ للأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

عَلَى أَنَّهُ في الإِجَارَاتِ الطَّوِيلَةِ المُدَّةِ، خِلَافَاً لِنَصِّ عَقْدِ الإِجَارَةِ، طِبْقَاً لِمَا تُسَوِّغُهُ بَعْضُ القَوَانِينِ، لَا يَجُوزُ للمُسْتَأْجِرِ إِيجَارُ العَيْنِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ، وَلَا أَخْذُ بَدَلِ الخُلُوِّ فِيهَا إِلَّا بِمُوَافَقَةِ المَالِكِ.

أَمَّا إِذَا تَمَّ الاتِّفَاقُ بَيْنَ المُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ وَبَيْنَ المُسْتَأْجِرِ الجَدِيدِ بَعْدَ انْقِضَاءِ المُدَّةِ، فَلَا يَحِلُّ بَدَلُ الخُلُوِّ، لِانْقِضَاءِ حَقِّ المُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ في مَنْفَعَةِ العَيْنِ.

وبناء على ذلك:

فَلَا مَانِعَ مِنَ اتِّفَاقِ المُسْتَأْجِرِ مَعَ المُؤَجِّرِ المَالِكِ عَلَى مَبْلَغٍ مَقْطُوعٍ زَائِدٍ عَنِ الأُجْرَةِ الشَّهْرِيَّةِ أَو السَّنَوِيَّةِ، وَيُعْتَبَرُ هَذَا المَبْلَغُ جُزْءَاً مِنْ أُجْرَةِ المُدَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَفِي حَالِ فَسْخِ عَقْدِ الآجَارِ بَيْنَهُمَا تُطَبَّقُ عَلَى هَذَا المَبْلَغِ أَحْكَامُ الأُجْرَةِ.

وَكَذَلِكَ لَا مَانِعَ شَرْعَاً مِنْ تَأْجِيرِ المُسْتَأْجِرِ الأَوَّلِ لِمُسْتَأْجِرٍ ثَانٍ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الإِجَارَةِ، بِحَيْثُ يَتَنَازَلُ الأَوَّلُ للثَّانِي عَنْ بَقِيَّةِ مُدَّةِ العَقْدِ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَبْلَغَاً مُتَّفَقَاً عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا، وَيَقُومُ المُسْتَأْجِرُ الثَّانِي بِدَفْعِ الأُجْرَةِ لِمَالِكِ العَقَارِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
58029 مشاهدة