أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7835 - ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ﴾

30-01-2017 1669 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾. فما هي الآيات التي يتلوها المؤمن أثناء سجوده؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7835
 2017-01-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذِهِ الآيَاتُ نَزَلَتْ في حَقِّ أَهْلِ الكِتَابِ، قَالَ تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾.

يَقُولُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَوْلُ اللِه عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾. مَنْ آمَنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. / كَذَا في تَفْسِيرِ القُرْطُبِيِّ.

وَيَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ، وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودَ، فَآمَنُوا، وَصَدَّقُوا، وَرَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ، قَالَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ أَهْلُ الْكُفْرِ: مَا آمَنَ بِمُحَمَّدٍ، وَلَا تَبِعَهُ إِلَّا شِرَارُنا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ خِيَارِنَا، مَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ، فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ.

وَالمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾. أَيْ: يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيُكْثِرُونَ مِنْ صَلَاةِ التَّهَجُّدِ، وَتِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ في صَلَاتِهِمْ، وَيُكْثِرُونَ السُّجُودَ للهِ تعالى، وَهَذَا لَا يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ الكَرِيمَ في حَالَةِ السُّجُودِ.

لِأَنَّ قِرَاءَةَ القُرْآنِ أَثْنَاءَ السُّجُودِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، روى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُـبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا المُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعَاً أَوْ سَاجِدَاً، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ (أَي: حَقِيقٌ وَجَدِيرٌ) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».

وبناء على ذلك:

فَالمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾. أَيْ: يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ الكَرِيمَ في صَلَاةِ التَّهَجُّدِ وَيُطِيلُونَ السُّجُودَ؛ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ في حَالَةِ الرُّكُوعِ أَو السُّجُودِ فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على كَرَاهِيَتِهَا.

يَقُولُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ. رواه الإمام مسلم.

وَلِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَالَتَا ذُلٍّ في الظَّاهِرِ، وَالمَطْلُوبُ مِنَ القَارِئِ للقُرْآنِ العَظِيمِ التَّلَبُّسُ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ وَالعَظَمَةِ ظَاهِرَاً تَعْظِيمَاً للقُرْآنِ العَظِيمِ.

وَأَمَّا إِذَا دَعَا المُؤْمِنُ في السُّجُودِ بِآيَاتٍ ذُكِرَتْ في القُرْآنِ العَظِيمِ دُعَاءً فَلَا حَرَجَ، فَيَدْعُو بِهَا على أَنَّهَا دُعَاءٌ لَا تِلَاوَةٌ للقُرْآنِ العَظِيمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1669 مشاهدة