أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1294 - عايش بدون أمل

06-08-2008 13042 مشاهدة
 السؤال :
أنا شاب أبلغ من العمر /31/ سنة، أريد الزواج وليس معي مال، وكان عندي مبلغ وضعته في جمعية سكنية منذ زمن وإلى الآن لم يبدأ الإعمار، والعمل قليل، والمستقبل أصبح سراباً، ووالدي يميز بين أولاده في العطية، وبالتالي فأنا أعيش بدون أمل في أي شيء، فبماذا تنصحوني؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1294
 2008-08-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإني أوافقك أن تعيش بدون أمل لو لم يكن هناك إله قادر على كل شيء، كيف تقول هذا يا أخي الكريم ولك ربٌّ قادر على كل شيء، لك ربٌّ لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لك ربٌّ يقول للشيء كن فيكون؟

أما نتعلم أنا وأنت من طفل صغير له أب، هل رأيت طفلاً له أب يعيش في هذه الحياة مع الهمّ؟ الجواب: لا، لأن له أباً، فكيف وأنا وأنت الذين أكرمنا الله عز وجل بالعقل ولنا ربٌّ نعيش في هم، أو نعيش بلا أمل؟!

يا أخي الكريم: تعرَّف على سيدنا يونس عليه السلام وتعلَّم منه، عندما ابتلعه الحوت وأصبح في ظلمات ثلاث، هل انقطع أمله ورجاؤه؟ هل نجَّاه الله تبارك وتعالى من ذلك الكرب والضيق أم لا؟ قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِين}، هذا وعد من الله تبارك وتعالى للعبد المؤمن، ووعد الله تعالى لا يُخلف.

ولكن سيدنا يونس عليه السلام ماذا فعل عندما وقع في الضيق؟ ما توجَّه إلا إلى الله تعالى، فناداه، لأنه علم بأنه لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع إلا هو، فتوجَّه إليه، ثم أقرَّ واعترف بتقصيره، {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين}، فما طالت مدة الابتلاء.

تعرَّف يا أخي على سيِّدنا أيوب عليه السلام، وعلى سيِّدنا إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار، وعلى السيدة هاجر مع ولدها سيدنا إسماعيل عليه السلام عندما تركهم سيِّدنا إبراهيم عليه السلام في وادٍ غير ذي زرع.

أخي الكريم: لا تيأس من رحمة الله تعالى، فإنه ما بين غمضة عين وانتباهتها يغيِّر الله من حال إلى حال، وعلينا وعليك بتقوى الله تعالى، وكثرة الاستغفار بشروطه الصحيحة، وبعدها تذكَّر قول الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقولَه سبحانه حكايةً على لسان سيِّدنا نوح عليه السلام عندما قال لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.

ورزقنا ليس على الآباء، إنما رزقنا على الله تعالى، وإياك أن تجد في نفسك شيئاً نحو والدك، فإن عصى الله تعالى فيك، فلا تعص الله أنت فيه، فرزق الجميع على الله تعالى، وربنا عز وجل يقول: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُون}، ويقول سبحانه: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين}.

أسأل الله تعالى أن يفرِّج عنا وعنك، ويجعل لنا ولك من كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ومن كلِّ همٍّ فَرَجاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
13042 مشاهدة