135ـ مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم: وأي عبد هو أعبد مني؟

135ـ مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم: وأي عبد هو أعبد مني؟

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

135ـ وأي عبد هو أعبد مني؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جُبِلَتِ النُّفُوسُ عَلَى كَرَاهِيَةِ مَنْ يَسْتَطِيلُ عَلَيْهَا وَيَحْتَقِرُهَا وَيَسْتَصْغِرُهَا، كَمَا جُبِلَتْ عَلَى النَّفْرَةِ مِمَّنْ يَتَكَبَّرُ عَلَيْهَا وَيَتَعَالَى عَنْهَا، حَتَّى وَلَو كَانَ مَا يَقُولُهُ حَقَّاً وَصِدْقَاً.

القَوْلُ الحَقُّ وَالصِّدْقُ إِذَا صَدَرَ مِنْ إِنْسَانٍ مُتَكَبِّرٍ مُسْتَعْلٍ وَمُسْتَطِيلٍ، فَإِنَّ قُلُوبَ السَّامِعِينَ تَكُونُ مُغْلَقَةً، وَصُدُورَهُمْ مُوصَدَةً، وَيَسْتَثْقِلُونَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ عِلْمٍ وَحَقٍّ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ أَرَادَ الرِّفْعَةَ وَحُسْنَ الإِفَادَةِ، فَعَلَيْهِ بِخُلُقِ التَّوَاضُعِ، فَهُوَ أَيْـسَرُ الطُّرُقِ وَأَوْثَقُهَا لِمَنْ أَرَادَ الرِّفْعَةَ، لِأَنَّ التَّوَاضُعَ في مَحَلِّهِ يُورِثُ المَوَدَّةَ، وَيَمْلَأُ العَيْنَ بِالمَهَابَةِ.

مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابَةَ وَآلَ البَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ عَلَى خُلُقِ التَّوَاضُعِ، قَوْلَاً وَفِعْلَاً.

روى الإمام مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبَاً، فَقَالَ: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ».

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَيِّدَ المُتَوَاضِعِينَ، وَسِيرَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ، روى البيهقي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ».

وَأَيُّ عَبْدٍ هُوَ أَعْبَدُ مِنِّي:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ رَكْبٍ الْمِصْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ مِنْ غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وذَلَّ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مَسْكَنَةٍ، وَأَنْفَقَ مَالَاً جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَرَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالمَسْكَنَةِ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ، طُوبَى لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ وصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وكَرُمَتْ عَلَانِيَتُهُ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمٍ وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ».

هَذَا سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَضْرِبُ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في خُلُقِ التَّوَاضُعِ، وَهُوَ أَمِيرٌ للمُؤْمِنِينَ، جَاءَ في مُسْنَدِ الفَارُوقِ عَنِ الفَضْلِ بْنِ عَمِيرَةَ: أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ في وَفْدٍ مِنَ العِرَاقِ، قَدِمُوا عَلَيْهِ في يَوْمٍ صَائِفٍ، شَدِيدِ الحَرِّ، وَهُوَ مُحْتَجِزٌ بِعَبَاءَةٍ (شَدَّ عَبَاءَتَهُ مِنْ وَسَطِهَا) يَهْنَأُ بَعِيرَاً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ (يُعَالِجُ جَرَبَ الإِبِلِ بِطِلَائِهِ بِالقَطِرَانِ).

فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، ضَعْ ثِيَابَكَ، وَهَلُمَّ، فَأَعِنْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى هَذَا البَعِيرِ، فَإِنَّهُ لَمِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، في حَقِّ اليَتِيمِ، وَالأَرْمَلَةِ، وَالمِسْكِينِ.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! فَهَلَّا تَأْمُرُ عَبْدَاً مِنْ عَبِيدِ الصَّدَقَةِ فَلْيَكْفِكَ هَذَا؟‍!

قَالَ عُمَرُ: وَأَيُّ عَبْدٍ هُوَ أَعْبَدُ مِنِّي، وَمِنَ الأَحْنَفِ؟ إِنَّهُ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ المُسْلِمِينَ فَهُوَ عَبْدٌ للمُسْلِمِينَ، يَجِبُ عَلَيْهِ لَهُمْ مَا يَجِبُ عَلَى العَبْدِ لِسَيِّدِهِ مِنَ النَّصِيحَةِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ.

مَا هَذَا الخُلُقُ مِنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ؟ لَقَدْ كَانَ أَمِيرَاً للمُؤْمِنِينَ، وَدَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَرَى نَفْسَهُ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ، لِصَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَجَاءَ في مَدَارِجِ السَّالِكِينَ، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ قِرْبَةُ مَاءٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَا يَنْبَغِي لَكَ هَذَا.

فَقَالَ: لَمَّا أَتَانِيَ الْوُفُودُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، دَخَلَتْ نَفْسِي نَخْوَةٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَكْسِرَهَا.

اتَّقِ اللهَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. لَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلَ وَلَا أَكْمَلَ مِنْ خُلُقِ التَّوَاضُعِ، وَخَاصَّةً مِنَ الكِبَارِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلَ وَلَا أَكْمَلَ مِمَّنْ عَرَفَ نَفْسَهُ في حَضْرَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

روى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ فَقُلْتُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَسْلَمْتَ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَجَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَذَلَهُ النَّاسُ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي خِلَافِتِكَ اثْنَانِ، وَقُتِلْتَ شَهِيدَاً.

فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ؛ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَوْ أَنَّ لِي مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ المَطْلَعِ.

لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مُتَوَاضِعَاً يَقْبَلُ الحَقَّ سِرَّاً وَجَهْرَاً، وَكَانَ يُحِبُّ مَنْ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى.

روى ابْنُ شبة في تَارِيخِ المَدِينَةِ عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اتَّقِ اللهَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ مَا الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ.

قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى الرَّجُلِ فَقَالُوا: لَا تَأْلِتْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (أَيْ: لَا تُشَدِّدْ عَلَيْهِ بِاليَمِينِ).

فَلَمَّا رَآهُمْ أَقْبَلُوا عَلَى الرَّجُلِ قَالَ: دَعُوهُمْ، فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ إِذَا لَمْ يَقُولُوهَا لَنَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ تُقَلْ لَنَا.

كَمْ نَحْنُ اليَوْمَ بِحَاجَةٍ إلى هَذِهِ الكَلِمَةِ أَنْ نَقُولَهَا لِبَعْضِنَا؟ لِأَنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ تَكُونُ عُنْوَانَاً وَلِجَامَاً للنَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَكَذَا كَانَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا قِمَّةً في التَّوَاضُعِ وَحُسْنِ الخُلُقِ، وَمَنْ كَانَ مُتَوَاضِعَاً فَإِنَّهُ يَعْرِفُ الفَضْلَ لِأَهْلِ الفَضْلِ وَلَو بَعْدَ مَوْتِهِمْ.

روى الطَّبَرَانِيُّ في مُسْنَدِ الشَّامِيِّين عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرِ، أَنَّ نَفَرَاً قَالُوا لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: وَاللهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلَاً أَقْضَى بِالْقِسْطِ، وَلَا أَقْوَلَ بِالْحَقِّ، وَلَا أَشَدَّ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَأَنْتَ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: كَذَبْتُمْ وَاللهِ، لَقَدْ رَأَيْنَا خَيْرَاً مِنْهُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا عَوْفُ؟

فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: صَدَقَ عَوْفٌ وَكَذَبْتُمْ وَاللهِ، لَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَأَنَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِي ـ يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَسْلَمَ قَبْلَهُ بِسِتِّ سِنِينَ ـ.

هَذَا هُوَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ في تَوَاضُعِهِ، وَتَقْدِيرِهِ للفُضَلَاءِ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ يَعُمُّ مِنْهُمُ المَوْتَى كَذَلِكَ، فَلَا يَرْضَى أَنْ يُنْكِرَ فَضْلَهُمْ، أَو يُغْفِلَ ذِكْرَهُمْ، وَيَظَلُّ يَذْكُرُهُمْ بِالخَيْرِ في كُلِّ مَوْقِفٍ، وَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى احْتِرَامِ هَذَا المَعْنَى النَّبِيلِ، وَعَدَمِ نِسْيَانِ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ جَلِيلِ الأَعْمَالِ، فَيَبْقَى العَمَلُ النَّافِعُ مُتَوَاصِلَ الحَلَقَاتِ، يَحْمِلُهُ رِجَالٌ مِنْ رِجَالٍ إلى رِجَالٍ، فَلَا يُنْسَى العَمَلُ الطَّيِّبُ بِغِيَابِ صَاحِبِهِ، أَو وَفَاتِهِ، وفي هَذَا وَفَاءٌ، وَفِيهِ إِيمَانٌ.

إِنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لَا يُقِرُّ إِغْفَالَ فَضْلِ مَنْ سَبَقَهُ في هَذَا المَقَامِ، وَلَا يَرْضَى أَنْ تَذْهَبَ أَفْضَالُ السَّابِقِينَ أَدْرَاجَ النِّسْيَانِ، إِنَّ الأُمَّةَ التي تَنْسَى، أَو تُغْفِلَ ذِكْرَ مَنْ خَدَمُوهَا أُمَّةٌ مَقْضِيٌّ عَلَيْهَا بِالتَّبَارِ، أَلَيْسَ مِنَ الخَيْرِ أَنْ يُرَبَّى النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الخِلَالِ السَّامِيَةِ؟

لَقَدْ تَرَبَّى سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ تعالى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَّمَاهُ مَا تَعْجِزُ عَنْهُ كُتُبُ التَّرْبِيَةِ، وَالأَخْلَاقُ قَدِيمُهَا وَحَدِيثُهَا، وَمَا يَزَالُ كِتَابُ اللهِ تعالى بَيْنَ أَيْدِينَا، وَمَا تَزَالُ سُنَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَحْفَوظَةً لَدَيْنَا، وَفِيهَا عِلْمٌ وَتَرْبِيَةٌ وَأَخْلَاقٌ.

اللَّهُمَّ أَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 16/ صفر الخير /1440هـ، الموافق: 25/ تشرين الأول/ 2018م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1380 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1380
13-02-2020 1915 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1915
23-01-2020 2548 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2548
16-01-2020 976 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 976
09-01-2020 1305 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1305
03-01-2020 1000 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1000

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411973152
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :