أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8340 - ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنَاً﴾

08-10-2017 3344 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قوله تعالى: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنَاً﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8340
 2017-10-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى في سُورَةِ الكَهْفِ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالَاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنَاً﴾. فَسَّرَهُ الحَدِيثُ الشَّرِيفُ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَؤُوا: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنَاً﴾».

وفي رِوَايَةٍ للحاكم عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي، حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالَاً﴾. قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، أَهُمُ الْخَوَارِجُ؟

قَالَ: لَا يَا بُنَيَّ، اقْرَأِ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنَاً﴾.

قَالَ: هُمُ المُجْتَهِدُونَ مِنَ النَّصَارَى، كَانَ كُفْرُهُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَلِقَائِهِ؛ وَقَالُوا: لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ؛ وَلَكِنَّ الْخَوَارِجَ هُمُ الْفَاسِقُونَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ.

وَمِنَ الإِيمَانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُؤْمِنَ الإِنْسَانُ بِوُجُودِ المِيزَانِ، الذي لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ إِلَّا اللهُ تعالى، حَيْثُ تُوزَنُ بِهِ الأَعْمَالُ، قَالَ تعالى: ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئَاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ﴾.

وَذَكَرَ العُلَمَاءُ بِأَنَّ المَوْزُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ:

أولاً: الأَعْمَالُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: العَامِلُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَؤُوا: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنَاً﴾» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: صَحَائِفُ الأَعْمَالِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَسْتَخْلِصُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَـيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلَّاً، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ هَذَا ـ في رِوَايَةٍ: مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ ـ ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئَاً؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟

فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟

فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَيُخْرِجُ بِطَاقَةً فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟

فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.

قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللهِ شَيْءٌ» رواه الحاكم عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالعَبْدُ الكَافِرُ الفَاسِقُ الفَاجِرُ يُوضَعُ هُوَ وَعَمَلُهُ وَسِجِلُّ عَمَلِهِ في المِيزَانِ، فَلَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَيَكُونُ مِنَ الهَالِكِينَ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، أَجَارَنَا اللهُ مِنْ ذَلِكَ، وَوَفَّقَنَا لِتَثْقِيلِ مَوَازِينِنَا بِالإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ مَعَ الإِخْلَاصِ.

وَالمُهِمُّ أَنْ نُؤْمِنَ بِمَا جَاءَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَهَذِهِ أُمُورٌ غَيْبِيَّةٌ يَجِبُ فِيهَا التَّسْلِيمُ للهِ تعالى، وَلِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3344 مشاهدة