أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6361 - إقامة جماعة ثانية في المسجد

31-05-2014 55651 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأنه إذا فاتتني صلاة الجماعة الأولى في المسجد أنه لا يجوز أن أصليها جماعة ثانية في نفس المسجد، بل أصليها منفرداً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6361
 2014-05-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالأصلُ أنَّهُ يُكرَهُ تَكرارُ الجَماعَةِ في مَسجِدِ الحَيِّ الذي لَهُ إمامٌ وجَماعَةٌ مَعلومونَ، لما رُوِيَ عن أبي بَكرَةَ  رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّ رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَقبَلَ من نَواحِي المَدِينَةِ يُرِيدُ الصَّلاةَ، فَوَجَدَ النَّاسَ قد صَلَّوا، فَمَالَ إلى مَنزِلِهِ، فَجَمَعَ أَهلَهُ، فَصَلَّى بِهِم. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأوسَطِ.

ولما وَرَدَ عن أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قالَ: إنَّ أصحَابَ رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانوا إذا فَاتَتْهُمُ الجَماعَةُ صَلَّوا فُرَادَى.

وعَلَّلوا ذلكَ بأنَّ تَكرارَ الجَماعَةِ في مَسجِدِ الحَيِّ يُؤَدِّي إلى تَقلِيلِ الجَماعَةِ، وهذا رَأيُ جُمهُورِ الفُقَهاءِ، خِلافاً لِرَأيِ الحَنَابِلَةِ الذينَ قالوا بِعَدَمِ كَرَاهَةِ إعادَةِ الجَماعَةِ، سَواءٌ في مَسجِدِ الحَيِّ أو غَيرِهِ.

أمَّا المسجِدُ الذي في السُّوقِ، أو في طَرِيقِ النَّاسِ ومَمَرِّهِم، فإنَّهُ يَجوزُ تَكرارُ الجَماعَةِ فِيهِ، لما رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ».

فَقَامَ رَجُلٌ، فَصَلَّى مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «هَذَانِ جَمَاعَةٌ».

وبناء على ذلك:

فَمِمَّا لا شَكَّ فِيهِ أنَّ صَلاةَ الجَماعَةِ من تَقوَى الله عزَّ وجلَّ، ومِمَّا حَرَّضَنا عَلَيها سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لذلكَ فلا حَرَجَ من إقَامَةِ جَماعَةٍ ثَانِيَةٍ في المَسجِدِ الذي صَلَّيتَ فِيهِ الجَماعَةَ الأُولَى، وخَاصَّةً إذا كَانَ ذلكَ لا يُؤَدِّي إلى تَقلِيلِ الجَماعَةِ الأُولَى، إذا كَانَ في مَسجِدِ الحَيِّ الخَاصِّ بأهلِهِ، أمَّا في المَسَاجِدِ العَامَّةِ فلا حَرَجَ من إعَادَةِ الجَماعَةِ بِلا خِلافٍ بَينَ الفُقَهاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
55651 مشاهدة