أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

3837 - زيارة النبي   

26-03-2011 47624 مشاهدة
 السؤال :
يرجى بيان حكم زيارة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أداء الحج والعمرة، وما هي آداب الزيارة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3837
 2011-03-26

زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

أجمعت الأمة الإسلامية سلفاً وخلفاً على مشروعية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ذهب جمهور العلماء من أهل الفتوى في المذاهب إلى أنها سنة مستحبة، وقالت طائفة من المحققين: هي سنة مؤكدة، تقرب من درجة الواجبات، وهو المفتى به عند طائفة من الحنفية.

دليل مشروعية الزيارة:

من أدلة مشروعية زيارته صلى الله عليه وسلم: قوله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}.

فإنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره بعد موته، كما أن الشهداء أحياء بنص القرآن، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء أحياء في قبورهم) أخرجه أبو يعلى، وإنما قال: هم أحياء أي لأنهم كالشهداء بل أفضل، والشهداء أحياء عند ربهم، وفائدة التقييد بالعندية الإشارة إلى أن حياتهم ليست بظاهرة عندنا وهي كحياة الملائكة.

وفي صحيح مسلم في حديث الإسراء قال صلى الله عليه وسلم: (مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت) رواه مسلم، فهو دليل على مشروعية زيارة القبور عامة، وزيارته صلى الله عليه وسلم أولى ما يمتثل به هذا الأمر، فتكون زيارته داخلة في هذا الأمر النبوي الكريم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي) رواه الدارقطني.

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (من زار قبري وجبت له شفاعتي) رواه الدارقطني.

فاستدل بعض الفقهاء بهذه الأدلة على وجوب زيارته صلى الله عليه وسلم لما في الأحاديث الأخرى من الحض أيضا.

وحملها الجمهور على الاستحباب، ولعل ملحظهم في ذلك أن هذه الأدلة ترغب بتحصيل ثواب أو مغفرة أو فضيلة، وذلك يحصل بوسائل أخر، فلا تفيد هذه الأدلة الوجوب.

قال القاضي عياض في كتاب الشفاء: وزيارة قبره عليه الصلاة والسلام سنة من سنن المسلمين مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها.

فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:

دلت الدلائل السابقة على عظمة فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وجزيل مثوبتها فإنها من أهم المطالب العالية والقربات النافعة المقبولة عند الله تعالى، فبها يرجو المؤمن مغفرة الله تعالى ورحمته وتوبته عليه من ذنوبه، وبها يحصل الزائر على شفاعة خاصة من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وما أعظمه من فوز.

وعلى ذلك انعقد إجماع المسلمين في كافة العصور، كما صرح به عياض والنووي والسندي وابن الهمام.

قال الحافظ ابن حجر: إنها من أفضل الأعمال وأجلِّ القربات الموصلة إلى ذي الجلال، وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع.

وكذلك قال القسطلاني: اعلم أن زيارة قبره الشريف من أعظم القربات وأرجى الطاعات، والسبيل إلى أعلى الدرجات.

آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:

أ - أن ينوي زيارة المسجد النبوي أيضاً، لتحصيل سنة زيارة المسجد وثوابها، لما في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى) رواه البخاري ومسلم.

ب - الاغتسال لدخول المدينة المنورة، ولبس أنظف الثياب، واستشعار شرف المدينة لتشرفها به صلى الله عليه وسلم.

ج - المواظبة على صلاة الجماعة في المسجد النبوي مدة الإقامة في المدينة، عملاً بالحديث الثابت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) رواه البخاري ومسلم.

د - أن يتبع زيارته صلى الله عليه وسلم بزيارة صاحبيه شيخي الصحابة رضي الله عنهما وعنهم جميعاً، أبي بكر الصديق، وقبره إلى اليمين قدر ذراع، وعمر يلي قبر أبي بكر إلى اليمين أيضاً.

صفة زيارته صلى الله عليه وسلم:

إذا أراد الزائر زيارته صلى الله عليه وسلم فلينو زيارة مسجده الشريف أيضاً، لتحصل سنة زيارة المسجد وثوابها.

وإذا عاين بساتين المدينة صلى عليه صلى الله عليه وسلم وقال: (اللهم هذا حرم نبيك فاجعله وقاية لي من النار وأماناً من العذاب وسوء الحساب).

وإذا وصل باب المسجد النبوي دخل وهو يقول الذكر المعروف عند دخول المساجد: (اللهم صل على محمد، رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك).

وعند الخروج يقول ذلك، لكن بلفظ: (وافتح لي أبواب فضلك).

ويصلي ركعتي تحية المسجد، ثم يقصد الحجرة الشريفة التي فيها قبره عليه الصلاة والسلام فيستدبر القبلة ويستقبل القبر ويقف أمام النافذة الدائرية اليسرى مبتعدا عنها قدر أربعة أذرع إجلالاً وتأدباً مع المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو أمام وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه دون أن يرفع صوته، بأي صيغة تحضره من صيغ التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم ويردف ذلك بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بما يحضره أيضاً.

وقد أورد العلماء عبارات كثيرة صاغوها لتعليم الناس، ضمنوها ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم.

فيدعو الإنسان بدعاء زيارة القبور، ويصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو بما يفتح الله عليه.

وإن كان أحد قد أوصاه بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم فليقل: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان، أو فلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله، أو ما شابه ذلك.

ثم يتأخر إلى صوب اليمين قدر ذراع اليد للسلام على الصديق الأكبر سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، لأن رأسه عند كتف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ التي تليق بمقام الصديق رضي الله عنه.

ثم يتنحى صوب اليمين قدر ذراع للسلام على الفاروق الذي أعز الله به الإسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ التي تليق بمقامه رضي الله عنه.

ثم يرجع ليقف قبالة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأول، ويدعو متشفعاً به بما شاء من الخيرات له ولمن يحب وللمسلمين. ويراعي في كل ذلك أحوال الزحام بحيث لا يؤذي مسلماً.

**     **     **

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
47624 مشاهدة