أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2514 - أخذ تأشيرة مرور والذهاب إلى الحج

24-11-2009 23850 مشاهدة
 السؤال :
هناك بعض المسلمين المقيمين في دول الخليج يأخذ الواحد منهم تأشيرة للذهاب إلى بلده، ولكنه لا يريد في الحقيقة الذهاب لبلده، ولكن لأداء مناسك الحج، فيأخذ تأشيرة مرور، فيذهب ويؤدي الحج ويعود إلى مكان إقامته، وعند دخوله يدفع غرامة مالية، والسؤال: ما حكم هذا التصرف في وقت يصعب على أعداد هائلة من المسلمين أداء الحج؟ وهل يختلف الحكم في حج الفريضة عن حج التطوع؟ وما هي حدود استخدام الحكام لحقهم الشرعي في تنظيم أعداد الحجاج؟ وهل يصح حرمان عدد كبير من المسلمين من أداء الحج بدعوى الزحام؟ وإذا كان هذا من حق الحكام أليس من حق الأمة أن تنكر عليهم بناء عمارات على مساحات واسعة من منى ومزدلفة تحتل أكثر من ثلثها لإقامة الملوك والرؤساء فيها، علماً أن هذه الأماكن تستوعب مئات الآلاف من الحجاج؟ أليس الأصل أن يكون السفر بين الدول الإسلامية بدون تأشيرات وخاصة لأداء فريضة الحج؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2514
 2009-11-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن أخذ تأشيرة المرور وليست تأشيرة حج يجب أن تكون ملزمة لصاحب الجواز، لأن شأن الإنسان المؤمن مبني على الصدق لا على الكذب، وهل يليق بمن يحرم بحج أو عمرة وهو يقول: لبيك اللهم لبيك أن يكون كاذباً؟

ولو سئل هذا الحاج عند نقاط التفتيش هل تريد الحج؟ سيكون الجواب: لا.

ويقع في مشكلة ثانية وهي مجاوزة الميقات بدون إحرام، أو أنه يحرم ثم يلبس الثياب ليتجاوز الحاجز. هل كُلِّف المؤمن بذلك؟ فيما أعتقد وأدين الله عز وجل أنه ليس مكلفاً بذلك. هذا أولاً.

ثانياً: طاعة ولي الأمر في غير معصية الله واجبة بلا منازع، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ) رواه البخاري.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ) رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وفيما يبدو في ظاهر الأمر بأن التوسيعات التي تقوم بها المملكة لها أثر كبير بحمد الله تعالى في تلافي كثير من المشاكل التي يعاني منها الحجاج، ونحن نرجو الله تبارك وتعالى أن يوفِّقهم لمزيد من الخدمة لبيت الله تعالى ولخدمة الحجاج.

وفيما يبدو لي بأن طاعة ولي الأمر في شأن تنظيم الحجيج واجبة شرعاً، وخاصة نحن نعلم بأن بعض الفقهاء قال بوجوب الحج على التراخي على المستطيع، ومن الاستطاعة أمن الطريق، ولعل هذا التنظيم يدخل في هذا الأمن.

ثالثاً: إذا توفرت شروط الوجوب في المسلم لأداء فريضة الحج واختلَّ شرط موافقة ولي الأمر، فاحتال المسلم على أمر وليِّ الأمر وأدَّى الحج صحَّ حجه، وسقطت عنه الفريضة، لأنه بمجرد وصوله إلى الحرم وأماكن أداء المناسك التحق بأهله، وصار الحج فرضاً عليه، فيسقط عنه بهذا الأداء، ولكنه أثم لمخالفة أمر ولي الأمر الذي ينظم شؤون الحجاج.

رابعاً: أما بالنسبة لإنكار المنكر فهو واجب على الأمة، وذلك من خلال قوله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ) رواه مسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه. والنصيحة هي أمرٌ بمعروف ونهيٌ عن منكر، وهذه النصيحة لها شروطها، والتي من جملتها أن تكون سرّاً بين الناصح والمنصوح، لا أن تكون في المجالس العامة وعلى المنابر ومجامع المسلمين، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ). رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

وإني أتوجَّه إلى كل أخ مسلم كريم أدى فريضة الحج أن يدع المجال لغيره، ويكفيه تأدية العمرة في يوم من أيام السنة حتى يجعل الله تعالى فرجاً ومخرجاً لشدة الزحام الواقعة والحقيقية إن شئنا وإن أبينا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
23850 مشاهدة