أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1206 - الشروط التي يجب توفرها في خطيب الجمعة

30-06-2008 16706 مشاهدة
 السؤال :
ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المسلم ليكون خطيباً في المساجد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1206
 2008-06-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فاعلم يا أخي الكريم بأن خطيب الجمعة يقوم مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في التبليغ، فمهمته خطيرة وكبيرة، ولأنه يقابل أناساً على مستويات مختلفة، فمنهم الجاهل الذي يحتاج إلى رعاية وعناية شديدة، لأنه منفتح النفس للتعلم، ومنهم الجاهل المُغلَق النفس الذي لا يريد أن يتعلم، فهو بحاجة إلى رعاية أشد، ومنهم المثقف الذي يحتاج إلى علم أوسع وعطاء أكبر مما عنده، وهو بحاجة إلى إقناع عقلي، ومنهم العاطفي الذي يحتاج إلى تحريك عواطفه نحو الإسلام، ومنهم المجادل، ومنهم...

ولذلك كان لزاماً على كل من ارتقى منبر الجمعة ليكون خطيباً واعظاً مذكِّراً لِمن أمرهم الله تعالى أن يسعوا إلى ذكر الله بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. فالمؤمنون أمرهم الله تعالى أن يسعوا إلى ذكر الله، فامتثلوا أمر الله تعالى وتوجَّهوا إلى بيوت الله ليسمعوا ذكر الله تعالى، لذلك كان لزاماً على خطيب الجمعة أن يعلم خطورة موقفه على المنبر، لأن الناس ما اجتمعوا عليه من أجل شخصه، بل اجتمعوا عليه ليسمعوا ذكر المُبَلِّغ على لسان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لذلك وجب عليه:

أولاً: التحلي بالأهلية العلمية، لأن مهمتَه الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد من أن يكون عالماً باللغة العربية، وعلم أصول الفقه، وعلم الفقه، وعلم العقيدة، وعلم الأخلاق الإسلامية، وعلم فقه أحكام العبادات والمعاملات، وعلم التفسير، وأن يكون ضابطاً لتلاوة القرآن الكريم كُلِّه مُجَوَّداً، وأن يكون مطَّلعاً على الأحاديث النبوية الشريفة من الكتب الصحاح، وأن يكون حَذِراً من الأحاديث المكذوبة والموضوعة، ومن القصص الخيالية، وأن يكون مطَّلِعاً على سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا...

ثانياً: وجوب التحلي بالأهلية البيانية حتى يكون مؤثراً لا منفِّراً، فيجب أن يكون كلامُه ليِّناً رفيقاً رقيقاً لطيفاً يستعطف القلوب والنفوس، وأن يكون حريصاً على التأثير النافع بكلام حقٍّ لا باطل، وأن يكون مشحوناً بمشاعر الرحمة والشفقة على خلق الله، وأن يكون حريصاً على سعادتهم ونجاتهم من عذاب الله المُعَجَّل والمُؤَجَّل، وفوزهم بجنات النعيم.

ثالثاً: وجوب التحلي بالصفات التي ذكرها الله تعالى في صفات عباد الرحمن، ليكون أسوة حسنة صالحة، لأن خطيب الجمعة وضع نفسه إماماً لمن يحمل بينهم رسالة الله عز وجل، ولأن كلَّ مؤمن داخلٌ في عموم المتقين، فمن وضع نفسه إماماً وخطيباً كان لزاماً عليه أن يرتقي في صفاته السلوكية حتى يتجاوز أعلى درجات المتقين، ولهذا لا بد من أن يحقق الشروط التالية:

1ـ أن يكون مؤمناً بما يذكِّر به الناس.

2ـ أن يكون مؤدياً تأدية فعلية لما يذكِّر به الناس.

3ـ أن يكون على بصيرة بما يدعو إليه، لا على أساس من الأوهام والخرافات.

رابعاً: وجوب التحلي بصفة التجرد عن المصالح الشخصية، حتى يدرك السامع أن هذا الخطيب مخلص في نصحه، ليس لمصلحة خاصة لدى الناس، لأن من أخطر الآفات التي تصيب خطيب الجمعة أن يستخدم المنبر وسيلة لمصالحه الشخصية، وللحصول على مال أو جاه أو مناصب رفيعة أو غيرها من الرغائب من مطالب الحياة الدنيا ولذَّاتها وشهواتها، كحب السيطرة على الأتباع والأنصار والطلاب...

خامساً: وجوب التحلّي بصفة الصبر وعدم الضجر، وعدم اليأس مهما اشتدَّ عليه الأذى، وإلا صار فاشلاً في دعوته. وأسأل الله تعالى أن يحقِّقنا بهذه الصفات، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وحسن الختام عند انتهاء الأجل. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16706 مشاهدة