أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

53 - ترك صلاة الجماعة بدون عذر

07-05-2007 646 مشاهدة
 السؤال :
في كثير من الأحيـان أؤدي الصـلاة بمفردي في البيت وبدون عذر سوى الكسل، فهل عليَّ إثم في ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 53
 2007-05-07

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فَكُنْ حَرِيصَاً عَلَى آخِرَتِكَ كَمَا أَنْتَ حَرِيصٌ عَلَى دُنْيَاكَ، وَكُنْ حَرِيصَاً عَلَى عِمَارَةِ آخِرَتِكَ البَاقِيَةِ، كَمَا أَنْتَ حَرِيصٌ عَلَى عِمَارَةِ دُنْيَاكَ الفَانِيَةِ، وَلَا تُفَوِّتْ عَلَى نَفْسِكَ خَيْرَاً عَظِيمَاً، لِأَنَّ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَرْدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَمَنْ فَوَّتَ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ فَوَّتَ خَيْرَاً عَظِيمَاً، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الرِّجَالِ الذينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الحَرِيصِ عَلَى دِينِهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ الحَرِيصِ عَلًى هًذِهِ الشَّعِيرَةِ العَظِيمَةِ، فَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلى اللهِ تعالى، وًلًقًدْ هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَى المُتَخَلِّفِينَ عَنْ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ بُيُوتَهُمْ، كَمَا وَرَدَ في بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.

فَلَا يَنْبَغِي للمُسْلِمِ أَنْ يَتْرُكَ الجَمَاعَةَ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَتَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ كَمَالِ إِيمَانِهِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ في حُكْمِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ.

فَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أَنَّ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ في الفَرَائِضِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ للرِّجَالِ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الوَاجِبِ عِنْدَهُمْ، وَبَعْضُهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» أخرجه أبو داود.

وَذَهَبَ الحَنَابِلَةُ إلى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وُجُوبَ عَيْنٍ، لِحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الإِمَامُ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَأَجِبْ».

فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَخِّصْ للأَعْمَى، فَهَلْ يَلِيقُ بِالبَصِيرِ أَنْ يَتْرُكَ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ؟ فَاجْعَلْ يَا أَخِي مِنْ شُكْرِ اللهِ تعالى عَلَى نِعْمَةِ البَصَرِ أَنْ تَشْهَدَ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ في المَسْجِدِ، وَخَاصَّةً صَلَاةَ الفَجْرِ. نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَتَوَلَّانَا بِالهِدَايَةِ وَالسَّدَادِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
646 مشاهدة