أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6304 - حكم القتال في الأشهر الحرم

12-05-2014 38382 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم القتال في الأشهر الحرم؟ وما الحكمة من تحريمه إذا كان حراماً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6304
 2014-05-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾. فالأشهُرُ الحُرُمُ كَانَت تُعَظَّمُ على عَهْدِ سَيِّدِنا إبراهيمَ وإسماعِيلَ عَلَيهِما الصَّلاةُ السَّلامُ، وكَانَ القِتالُ فيها حَراماً، ونُسِخَ حُكمُ تَحريمِ القِتالِ فيها بِقَولِهِ تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً﴾.

ثانياً: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين﴾. وقد حَذَّرَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من الاقتِتالِ بَينَ المُسلِمينَ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وبِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» واه الشيخان عن جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وبناء على ذلك:

فَقِتالُ المُشرِكينَ في الأشهُرِ الحُرُمِ جَائِزٌ شَرعاً، وخاصَّةً إذا كَانَ قِتالَ دِفاعٍ، والآيَةُ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ مَنسوخَةٌ عِندَ جُمهورِ أهلِ العِلمِ.

أمَّا اقتِتالُ المُسلِمينَ فيما بَينَ بَعضِهِمُ البَعضِ فقد حَذَّرَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنهُ، وأوجِبَ على الأُمَّةِ أن يُصلِحوا بَينَ المُتَقَاتِلينَ.

وأمَّا الحِكمَةُ من تَحريمِ القَتالِ فيها، فقد جاءَ في تَفسيرِ ابنِ كَثيرٍ: وإنَّما كَانَتِ الأَشهُرُ المُحَرَّمَةُ أربَعَةً، ثَلاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ؛ لِأَجلِ أَداءِ مَنَاسِكِ الحَجِّ والعُمرَةِ، فَحُرِّمَ قَبلَ شَهرِ الحَجِّ شَهرٌ، وهوَ ذو القعدَةِ؛ لأنَّهُم يَقعُدونَ فيه عن القِتالِ، وحُرِّمَّ شَهرُ ذي الحِجَّةِ لأنَّهُم يُوقِعونَ فِيهِ الحَجَّ ويَشتَغِلونَ فِيهِ بِأَداءِ المَنَاسِكِ، وحُرِّمَ بَعدَهُ شَهرٌ آخَرُ، وهوَ المُحَرَّمُ؛ لِيَرجِعوا فِيهِ إلى نَائي أَقصَى بِلادِهِم آمِنينَ، وحُرِّمَ رَجَبُ في وَسَطِ الحَولِ، لِأَجلِ زِيَارَةِ البَيتِ والاعتِمارِ بِهِ لمن يَقدُمُ إِلَيهِ من أَقصَى جَزِيرَةِ العَرَبِ، فَيَزورُهُ ثمَّ يَعودُ إلى وَطَنِهِ فِيهِ آمِناً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
38382 مشاهدة