أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7603 - المتعدي على مال اليتيم

25-09-2016 3057 مشاهدة
 السؤال :
رجل عنده يتامى، وهو يتعدى على أموالهم، فيأكل منها، ويأخذ منها ما شاء، فهل يحل له هذا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7603
 2016-09-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبَاً كَبِيرَاً﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَاً﴾.

ثانياً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟

قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ».

وروى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْمٌ مِنْ قُبُورِهِمْ تَأَجَّجُ أَفْوَاهُهُمْ نَارَاً».

فَقِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «أَلَمْ تَرَ اللهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً﴾».

وروى الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «أُحَرِّجُ مَالَ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْـمَرْأَةِ» (أَيْ: أُحَذِّرُ مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرَاً بَلِيغَاً، وَأَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرَاً أَكِيدَاً).

ثالثاً: نَصَّ الفُقَهَاءُ أَنَّ أَكْلَ مَالِ اليَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الكَبَائِرِ، وَتُهْلِكُ العَبْدَ، وَتُثْقِلُ وِزْرَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَتَجْعَلُ ذَاكَ العَبْدَ في سَخَطِ اللهِ تعالى؛ وَمِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي أَكْلُ أَمْوَالِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ اليَتَامَى، وَقَدْ حَضَّ اللهُ تعالى على مَزِيدِ العِنَايَةِ بِاليَتَامَى، وَحَذَّرَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالبَاطِلِ، لِأَنَّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ تَجِدُ أَمْوَالَ اليتامى سَهْلَةَ المَنَالِ بِسَبَبِ ضَعْفِهِمْ وَعَجْزِهِمْ، لِذَا كَانَتْ عُقَوبَةُ أَكْلِ مَالِ اليَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ عُقُوبَةً شَدِيدَةً وَعَظِيمَةً.

وبناء على ذلك:

فَلْيَحْذَرِ العَبْدُ مِنْ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إلى مَالِ اليَتِيمِ ظُلْمَاً، لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ وَخِيمَةٌ؛ وَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ أَنْ تَجِدَ الحَرِيصَ على أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ وَنَوَافِلِ العِبَادَاتِ قَدْ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِحُقُوقِ النَّاسِ، وَخَاصَّةً بِأَمْوَالِ اليَتَامَى، وَحَمَلَ على ظَهْرِهِ أَوْزَارَاً تَنُوءُ بِحَمْلِهَا الجِبَالُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَمْ تَرُدَّ عَنْهُ صَلَاتُهُ وَلَا صِيَامُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ القُرْآنَ عَنْ طَمَعِ نَفْسِهِ وَشُحِّهَا وَخِسَّتِهَا؛ وَلَمْ يَرْحَمْ ضَعْفَ اليَتِيمِ، فَاعْتَدَى على حَقِّهِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَمَا ذَاكَ إلا لِضَعْفِ الإِيمَانِ.

اللَّهُمَّ أَغْنِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ. آمين.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3057 مشاهدة