أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9119 - تزيين بيت الحاج

29-08-2018 7255 مشاهدة
 السؤال :
هل هناك حرج شرعي بالاحتفال بقدوم الحاج، وتزيين البيت له، وجعل الطعام للضيوف؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9119
 2018-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى الشيخان عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَنْتَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: نَعَمْ؛ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.

وروى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِنَا؛ قَالَ: فَتُلُقِّيَ بِي وَبِالْحَسَنِ أَوْ بِالْحُسَيْنِ؛ فَحَمَلَ أَحَدَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْآخَرَ خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلْنَا المَدِينَةَ. هذا أولاً.

ثانياً: يُسْتَحَبُّ جَعْلُ الطَّعَامِ لِقُدُومِ المُسَافِرِ، وَيُقَالُ عَنْ هَذَا الطَّعَامِ: النَّقِيعَةُ.

روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورَاً أَوْ بَقَرَةً.

وبناء على ذلك:

فَلَا حَرَجَ مِنَ الاحْتِفَالِ بِقُدُومِ الحَاجِّ، بِشَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَعَدَمِ اسْتِخْدَامِ آلَاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ، وَضَرْبِ طُبُولٍ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ.

كَمَا أَنَّهُ لَا حَرَجَ في تَزْيِينِ البَيْتِ عِنْدَ قُدُومِهِ، لِأَنَّ تَزْيِينَ البُيُوتِ مِنَ الأُمُورِ المُبَاحَةِ، وَلَكِنْ بِدُونِ إِسْرَافٍ وَتَبْذِيرٍ.

أَمَّا جَعْلُ الطَّعَامِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَذَلِكَ بِدُونِ إِسْرَافٍ وَتَبْذِيرٍ، مَعَ احْتِرَامِ وَتَقْدِيرِ النِّعْمَةِ، وَأَنْ لَا يُلْقَى الطَّعَامُ الزَّائِدُ في الحَاوِيَاتِ، وَيُتْلَفَ بِدُونِ فَائِدَةٍ.

وَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

وَتَجْدُرُ الإِشَارَةُ هُنَا، أَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ النَّاسِ يَذْبَحُونَ للحَاجِّ عِنْدَ قُدُومِهِ، وَيَمُرُّ الحَاجُّ مِنْ فَوْقِ الذَّبِيحَةِ، فَهَذَا الأَمْرُ يَحْرُمُ شَرْعَاً، وَالذَّبِيحَةُ في هَذِهِ الحَالَةِ لَا تُؤْكَلُ، لِأَنَّهَا أُهِلَّتْ لِغَيْرِ اللهِ تعالى.

وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ: لَو ذَبَحَ لِأَجْلِ قُدُومِ الأَميرِ، أَو قُدُومِ وَاحِدٍ مِنَ العُظَمَاءِ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا لِأَجْلِهِ تَعْظِيمَاً لَهُ.

وَيُطْلَبُ الدُّعَاءُ مِنَ الحَاجِّ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَيُهَنَّأُ الحَاجُّ بِالسَّلَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: تَقَبَّلَ اللهُ حَجَّكُمْ، أَو: حَجَّاً مَبْرُورَاً، وَسَعْيَاً مَشْكُورَاً، وَذَنْبَاً مَغْفُورَاً، أَو يُقَالُ لَهُ: قَبِلَ اللهُ حَجَّكَ، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ عَلَيْكَ نَفَقَتَكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7255 مشاهدة