أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7842 - سيدنا عيسى عليه السلام ليس له قوم

01-02-2017 2611 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سيدنا عيسى عليه السلام لم يَنْتَمِ إلى قوم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7842
 2017-02-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: كَلِمَةُ قَوْمٍ تُطْلَقُ على جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ تَجْمَعُهُمْ جَامِعَةٌ يَقُومُونَ لَهَا، وَخُصِّصَتْ كَلِمَةُ القَوْمِ بِجَمَاعَةِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرَاً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرَاً مِنْهُنَّ﴾. فَالقَوْمُ هُنَا هُمُ الرِّجَالُ، لِأَنَّ اللهَ تعالى قَابَلَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾.

وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ أَنْسَانِي الشَّيْطَانُ شَيْئَاً مِنْ صَلَاتِي فَلْيُسَبِّحِ الْقَوْمُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي   ***   أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ

ثانياً: نِسْبَةُ الإِنْسَانِ دَائِمَاً تَكُونُ لِأَبِيهِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ» رواه الشيخان عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَنْتَمِي لِأَبٍ، لِأَنَّهُ وُلِدَ بِمُعْجِزَةٍ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامَاً زَكِيَّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشـَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيَّاً﴾.

وَكَذَلِكَ سَيِّدُنَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَنْتَمِي لِأَبٍ، وَمِنْ هُنَا أَشَارَ القُرْآنُ الكَرِيمُ إلى هَذَيْنِ النَّبِيِّيْنِ الكَرِيمَيْنِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

رابعاً: القَصَصُ في القُرْآنِ العَظِيمِ عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَإِنَّا نَجِدُ فِيهَا أَنَّ كَثِيرَاً مِنَ الأَنْبِيَاءِ خَاطَبُوا قَوْمَهُمْ بِكَلِمَةِ: ﴿يَا قَوْمِ﴾.

قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحَاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحَاً قَالَ يَا قَوْمِ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَلُوطَاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ﴾.

وَلَكِنْ عِنْدَمَا خَاطَبَ سَيِّدُنَا عِيسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَمْ يَقُلْ لَهُمْ يَا قَوْمِ وَلَا مَرَّةً وَاحِدَةً، بَلْ قَالَ لَهُمْ: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقَاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرَاً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾.

وَكَذَلِكَ لَا نَجِدُ في القُرْآنِ العَظِيمِ آيَاتٍ تَتَحَدَّثُ عَنْ قَوْمِ آدَمَ، بَلْ تَتَحَدَّثُ عَنْ بَنِي آدَمَ.

وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَوْنِ سَيِّدِنَا آَدَمَ وَسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَيْسَ لَهُمَا أَبٌ.

وبناء على ذلك:

فَسَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنْتَمِ إلى قَوْمٍ، لِأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ مُعْجِزَةً، حَيْثُ خَلَقَهُ اللهُ تعالى مِنْ أُمٍّ دُونَ أَبٍ، وَكَذَلِكَ سَيِّدُنَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنْتَمِ إلى قَوْمٍ، لِأَنَّ اللهَ تعالى خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ، وَمِن هُنَا لَمْ يُخَاطِبْ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ يَا قَوْمِ، لِأَنَّهُ لَا قَوْمَ لَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2611 مشاهدة