358ـ خطبة الجمعة: من أجل كشف الغمة (3) علينا بصنائع المعروف

358ـ خطبة الجمعة: من أجل كشف الغمة (3) علينا بصنائع المعروف

 

 358ـ خطبة الجمعة: من أجل كشف الغمة (3)

علينا بصنائع المعروف

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عِبادَ الله، الكَثِيرُ مِن شَبَابِنَا ورِجَالِنَا يَتَساءَلُ فِي وَسَطِ هذِهِ الأزمَةِ، وفِي وَسَطِ هذا الابتِلاءِ الذِي يُصَبُّ على الأمَّةِ صَبَّاً، وفِي وَسَطِ هذا الظَّرفِ العَصِيبِ الذي يَمُرُّ بِهِ قُطرُنَا الحَبيبُ، حَيثُ دُمِّرَ البَلَدُ، وشُرِّدَ النَّاسُ، وسُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وسُلِبَتِ الأموَالُ، يَتَسَاءَلُ:

مَا هوَ الوَاجِبُ عليَّ تُجَاهَ هذا البَلَدِ وأهلِهِ، فالبَلَدُ بَلَدِي، والأهلُ أهلِي، كَبيرُهُم بِمَنزِلَةِ الوَالِدِ، وصَغيرُهُم بِمَنزِلَةِ الوَلَدِ، والبَاقِي بمَنزِلَةِ الإخوَةِ، والعِرضُ عِرضِي، فَمَا هوَ الوَاجِبُ عليَّ تُجاهَ بَلَدِي وأهلِ بَلَدِي؟

والبَعضُ الآخَرُ يُلقِي العِبءَ والمَسؤوليَّةَ على غَيرِهِ، ويَتَنَصَّلُ مِنهَا مُحتَجَّاً بأنَّ ما يَجرِي إنَّمَا هوَ بِسَبَبِ مُقَارَفَةِ الأُمَّةِ الذُّنُوبَ، وهذا صَحِيحٌ لأنَّ الله تعالى يقولُ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون﴾. ولكن هذا لا يُخَلِّصُهُ منَ المَسؤوليَّةِ ولا يُعفيهِ، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾.

يا عِبادَ الله، البَلاءُ صارَ عامَّاً شَمِلَ الصَّالِحَ والطَّالِحَ، والقَويَّ والضَّعيفَ، والمُؤَيِّدَ والمُعارِضَ، الكُلُّ يَحتَرقُ، والكُلُّ يَتَطَلَّعُ إلى الفَرَجِ وإلى كَشفِ الغُمَّةِ.

«صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ»:

يا عِبادَ الله، إذا كُنَّا صَادِقِينَ في طَلَبِ كَشفِ الغُمَّةِ ورَفعِ البَلاءِ عن هذا البَلَدِ وأهلِهِ، عَلينَا أن نَعلَمَ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وأنَّ الإحسانَ والبِرَّ إلى خَلقِ اللهِ تعالى يَكُونُ سَبَبَاً لِكَشفِ البَلاءِ والغُمَّةِ ولِقَضَاءِ الحَوائِجِ، وهذا ما أكَّدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بأحادِيثِهِ الشَّرِيفَةِ.

يا أيَّتُهَا الأُمَّةُ المَجرُوحَةُ، يَا مَن تَتَطَلَّعُ لِكَشفِ الغُمَّةِ ارجِعِي إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّ العِلاجَ لِدَائِنَا من عِندِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وفِي شَرعِهِ الشَّرِيفِ، لَن نَجِدَ حَلَّاً لأَزمَتِنَا عندَ شَرقٍ ولا غَربٍ لا وربِّ الكَعبَةِ، بَل عِندَ الحبيبِ الأعظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

يا عِبادَ الله، فَهَل تَسمَعُ الأُمَّةُ من كَبِيرِهَا إلى صَغِيرِهَا، ومِن مُؤيِّدِهَا إلى مُعارِضِهَا حَدِيثَ سَيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن أجلِ كَشفِ الغُمَّةِ وهيَ تَتَذَكَّرُ قولَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون﴾.

روى الإمام الحاكم عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «صَنَائِعُ المعروفِ إلى النَّاسِ تَقِي صَاحِبَها مَصَارِعَ السُّوءِ، والآفاتِ، والهَلَكَاتِ، وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا، هُم أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ» وفي رواية ثانية للطبراني في الأوسَطِ عن أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالَت: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خُفيَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وأَهْلُ المُنكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المُنكَرِ فِي الآخِرَةِ ، وأوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ أهلُ المَعروفِ».

يا عِبادَ الله، صَنَائِعُ المعروفِ سَبَبٌ لِكَشفِ الغُمَّةِ، وَأهلُ المَعرُوفِ في الدُّنيا هُم أهلُ المَعرُوفِ في الآخرَةِ، وسَتَكُونُ لَهُم شَفَاعاتٌ يَومَ القِيامَةِ، لأنَّ مَن كانَ سَبَبَاً لِكَشفِ الغُمَّةِ عن الأُمَّةِ في الحياةِ الدُّنيا، يَجعَلُ الله تعالى لَهُ نَصِيبَاً يومَ القِيامَةِ لِكَشفِ الكُرَبِ والغُمَّةِ عنِ الأُمَّةِ في أرضِ المَحشَرِ.

«فَوَالله لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً»:

يا عِبادَ الله، قَد يَتَساءَلُ البَعضُ: هل صَنَائِعُ المَعرُوفِ تطفِئُ نارَ هذهِ الحَربِ؟ وهَل تُوقِفُ سَفكَ الدِّمَاءِ وتَهدِيمَ البُيُوتِ؟

يا عِبادَ الله، كُونُوا على يَقِينٍ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تطفِئُ نارَ هذهِ الفِتنَةِ، لأنَّ الأُمُورَ كُلَّها بِيَدِ اللهِ عزَّ وجل، قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾.

يا عِبادَ الله، إذا أردنَا أن نَعرِفَ أنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُوءِ، فلنَرجِع إلى سِيرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عندَما رَجَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من غارِ حِراءٍ، تَرتَعِدُ فَرائِصُهُ، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأُمِّنا السَّيِّدَةِ خَديجَةَ الكُبرى رَضِيَ اللهُ عنها: «قَد خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي».

فماذا قالَت لهُ السَّيِّدَةُ الجَليلَةُ رَضِيَ اللهُ عنها؟

قالَت لهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَالله لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. رواه الشيخان عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها.

لقد استَدَلَّت على ذلكَ رَضِيَ اللهُ عنهَا بِمَحاسِنِ أفعالِهِ، وصَنائِعِ مَعروفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على ما قَالت لهُ، لأنَّها تَعلَمُ بأنَّ مَحاسِنَ الأفعالِ دَليلٌ على حُسنِ العَواقِبِ، وكَرَمَ البِدايَةِ دَليلٌ على جَلالَةِ النِّهايَةِ، والبِدَاياتُ تَدُلُّ على النِّهَايَاتِ.

يا عِبادَ الله، صِلَةُ الرَّحمِ من صَنَائِعِ المَعرُوفِ، وقِرَى الضَّيفِ من المَعرُوفِ، والعَونُ على نَوائِبِ الحَقِّ من صَنَائِعِ المَعرُوفِ.

يا عِبادَ الله، إذا لَم نَكُن صَنَعنَا المَعرُوفَ سَابِقَاً، فَهَل بِوُسعِنَا أن نصنَعَ المَعرُوفَ اليَومَ، رَجَاءَ أن يَكشِفَ اللهُ تعالى عنَّا هَذِهِ الغُمَّةَ؟

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾:

 يا عِبادَ الله، إذا أردنَا أن نَعرِفَ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقي مَصَارِعَ السُّوءِ فَلنَرجِعْ إلى سُورَةِ الأنبِياءِ في كِتَابِ رَبِّنَا عزَّ وجل، حيثُ ذَكَرَ اللهُ تعالى كَثِيراً من الأنبياءِ في هذهِ السورةِ العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، وخاصَّةً سَيِّدِنا أيُّوبَ ويُونُسَ و زَكَريَّا عَلَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، كيفَ أَنجَاهُم اللهُ تعالى من الكَربِ والبَلاءِ،و ذلكَ بِبَرَكَةِ صَنائِعِ المَعرُوفِ، فقال تعالى في خِتَامِ قِصَصِهِم: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين﴾.

فهَل يا عِبادَ الله نُسَارِعُ في الخَيراتِ، ونَدعُو اللهَ تعالى رَغَبَاً ورَهَبَاً، ونَخشَعُ لهُ، رَجَاءَ أن يَكشِفَ اللهُ تعالى عنَّا هذِهِ الغُمَّةَ؟

أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَيهِ:

يا عِبادَ الله، قد يَتَساءَلُ البَعضُ مَا هيَ صَنَائِعُ المَعرُوفِ حتَّى نَأتِيهَا؟

يا عِبادَ الله، لِنَرجِعْ إلى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حتَّى نَتَعَرَّفَ منه على بعضِ صُوَرِ صَنَائِعِ المَعرُوفِ.

روى الطَّبَرانِيُّ في الكَبيرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى الله؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى الله؟

فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ـ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ـ شَهْراً، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ».

يا عِبادَ الله، هل الذي يَكُونُ مَحبُوبَاً عِندَ اللهِ تعالى، ويأتي الأعمالَ التي يُحِبُّهَا اللهُ تعالى تكُونُ حَياتُهُ شَقَاءً وضَنكاً؟ لا وربِّ الكعبَةِ.

والسُّؤالُ الذي يَجِبُ أن نَطرَحَهُ على أنفُسِنَا: هل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَنفَعُ النَّاسَ، حتى يكونَ النَّافِخُ مَحبُوبَاً عندَ اللهِ تعالى؟

وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يُدخِلُ السُّرُورَ إلى قُلوبِ المُسلِمينَ؟

وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَكشِفُ الكَربَ عن هذهِ الأمَّةِ؟

وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَقضِي الدَّينَ عن المَدينينَ؟

وهل النَّفخُ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ يَطرُدُ الجُوعَ عن الأُمَّةِ؟

يا عِبادَ الله، إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ أَضرَّ النَّاسَ وما نَفَعَهُم، إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ أدخَلَ الهَمَّ والغَمَّ والحُزنَ على قُلوبِ النَّاسِ، إنَّ النَّفخَ في نارِ هذهِ الفِتنَةِ جَلَبَ الكَربَ على الأُمَّةِ، وأغرَقَهَا في الدُّيُونِ، وجَلَبَ لها الجُوعَ والعَطَشَ.

يا عِبادَ الله، هل اتَّقَى اللهَ في هذه الأُمَّةِ مَن خَرَجَ مِن هذا البَلَدِ وبَدَأ يَنفُخُ فِي نارِ هذِهِ الفِتنَةِ؟ وهَل فَكَّرَ أنَّ نَفخَهُ فِي نارِ هذِهِ الفِتنَةِ أتى بالنَّفعِ للنَّاسِ وإدخالِ السُّرُورِ إلى قُلُوبِهِم، أم أتى بالضُّرِّ والكَرب والهَمِّ والغَمِّ؟ هل كانَ بِفِعلِهِ مَحبُوبَاً عندَ اللهِ تعالى أو أنَّهُ أَسخَطَ اللهَ تعالى؟

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

يا عبادَ الله، مَن كانَ حَرِيصاً على كَشفِ الغُمَّةِ فَليَصنَعِ المَعرُوفَ، ومِن صُنعِ المَعرُوفِ السَّعيُ لإطفاءِ نَارِ هذِهِ الفِتنَةِ، لأنَّ بإطفائِهَا نَفعاً للنَّاسِ، وسُرُوراً يَدخُلُ قُلوبَهُم، والسَّعيدُ مَن صَنَعَ مَعرُوفَاً، والمَعروفُ لا يحتَاجُ إلى دَليلٍ، والشَّقِيُّ مَن صَنَعَ المُنكَرَ، والمُنكَرُ مُنكَرٌ لا يحتَاجُ إلى دَليلٍ.

اللَّهُمَّ وَفِّقنا لِصَنائِعِ المَعروفِ التي تُرضيكَ عنَّا. آمين.

أقولُ هَذا القَولَ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم، فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 26/محرم /1435هـ، الموافق: 29/تشرين الثاني/ 2013م

 2013-11-29
 23121
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

12-04-2024 592 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 592
09-04-2024 542 مشاهدة
908ـ خطبة عيد الفطر 1445 هـ:هنيئا لك يوم الجائزة إن كنت من المقبولين

هَا نَحْنُ في عِيدِ الفَطْرِ الذي جَاءَنَا بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ القُرْآنِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ، لَقَدْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُذَكِّرًا لَنَا بِالنِّعْمَةِ العُظْمَى التي أَنْقَذَتِ البَشَرِيَّةَ مِنَ الضَّلَالِ ... المزيد

 09-04-2024
 
 542
04-04-2024 676 مشاهدة
907ـ خطبة الجمعة: شمروا عن ساعد الجد

هَا هُوَ الضَّيْفُ الكَرِيمُ يُلَوِّحُ بِالرَّحِيلِ، تَمْضِي أَيَّامُهُ مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا حُلُمٌ جَمِيلٌ، مَا أَحْلَى أَيَّامَكَ يَا أَيُّهَا الضَّيْفُ الكَرِيمُ، وَمَا أَمْتَعَ صِيَامَكَ، لَقَدْ ذُقْنَا فِيكَ لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ ... المزيد

 04-04-2024
 
 676
28-03-2024 567 مشاهدة
906ـ خطبة الجمعة: القرآن خير دستور

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ وَاللهِ بِمَثَابَةِ الرُّوحِ للجَسَدِ، وَالنُّورِ للهِدَايَةِ، فَمَنْ لَمْ يَقْرَأِ القُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَهُوَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ ... المزيد

 28-03-2024
 
 567
21-03-2024 996 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 996
14-03-2024 1804 مشاهدة
904ـ خطبة الجمعة: حافظوا على الطاعات والعبادات

فَيَا عِبَادَ اللهِ: كُلُّ عَامِلٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَهُ هَدَفٌ يُرِيدُ الوُصُولَ إِلَيْهِ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ لَهُ غَايَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا. وَقِيمَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ تَأْتِي ... المزيد

 14-03-2024
 
 1804

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412691220
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :