أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8958 - ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾

19-06-2018 2845 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في سورة الأنعام: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾. ويقول تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾. فما هو الفارق بين الآيتين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8958
 2018-06-19

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالآيَةُ التي في سُورَةِ الأَنْعَامِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾. لَمَّا كَانَ الآبَاءُ يُعَانُونَ مِنَ الفَقْرِ وَالجُوعِ كَانُوا يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ لِمَا يُعَانُونَ هُمْ مِنَ الجُوعِ وَالحَاجَةِ، فَجَاءَتِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تُبَيِّنُ لَهُمْ أَلَّا يَخَافُوا عَلَى نَقْصِ مَا عِنْدَهُمْ مِمَّا يَحْتَاجُونَهُ، فَقَالَ تعالى: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ﴾. وَنُذْهِبُ فَقْرَكُمْ وَجُوعَكُمْ وَنَرْزُقُ مَنْ سَيَأْتِيكُمْ.

وَالآيَةُ الثَّانِيَةُ التي في سُورَةِ الإِسْرَاءِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾. وَفِي هَذِهِ الآيَةِ لَمَّا كَانَ الآبَاءُ عِنْدَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ، وَلَا يَعِيشُونَ الإِمْلَاقَ، وَلَكِنَّهُمْ يَخَافُونَ وُقُوعَهُ بِهِمْ بِسَبَبِ مُشَارَكَةِ مَنْ يَأْتِيهِمْ مِنَ الأَوْلَادِ، فَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ سَتُرَبُّونَ مِنَ الأَوْلَادِ لَنْ يَأْخُذُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الرِّزْقِ، فَاللهُ تعالى يَرْزُقُهُمْ بِرِزْقٍ جَدِيدٍ، وَيَرْزُقُكُمْ كَمَا كَانَ يَرْزُقُكُمْ عَلَى الدَّوَامِ.

وبناء على ذلك:

فَفِي الآيَتَيْنِ نَهْيٌ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ الفَقْرِ، إِنْ كَانَ مَوْجُودَاً وَاقِعَاً، أَو كَانَ خَوْفَاً مِنْ وُقُوعِهِ في المُسْتَقْبَلِ.

فَالآيَةُ في سُورَةِ الأَنْعَامِ تَحَدَّثَتْ عَنِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ الفَقْرِ الوَاقِعِ الحَالِّ بِهِمْ، فَقَالَ تعالى: ﴿مِنْ إِمْلَاقٍ﴾. يَعْنِي: مِنْ فَقْر وَاقِعٍ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَكَفِّلٌ بِرِزْقِ الأُصُولِ وَالفُرُوعِ.

وَالآيَةُ التي في سُورَةِ الإِسْرَاءِ تَحَدَّثَتْ عَنِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ خَوْفِ وُقُوعِ الفَقْرِ في المُسْتَقْبَلِ، فَقَالَ تعالى: ﴿خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾. يَعْنِي: خَوْفَ وُقُوعِ الفَقْرِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ مُتَكَفِّلٌ بِرِزْقِ الذُّرِّيَّةِ أَوَّلَاً ثُمَّ يَرْزُقُ الأُصُولَ.

فَلَمَّا كَانَ الآبَاءُ يَعِيشُونَ هُمُ الإِمْلَاقَ قَدَّمَ: ﴿نَرْزُقُكُمْ﴾. وَلَمَّا كَانُوا يَخَافُونَ وُقُوعَ الإِمْلَاقِ بِهِمْ بِسَبَبِ خَوْفِهِمْ أَنْ يَأْخُذَ الأَبْنَاءُ مَا عِنْدَهُمْ قَدَّمَ: ﴿نَرْزُقُهُمْ﴾. فَمَا سَيَأْكُلُونَهُ رِزْقٌ جَدِيدٌ تَكَفَّلَ بِهِ رَبُّهُمْ، وَلَيْسَ جُزْءَاً مِنْ حِصَّتِكُمْ.

وَعَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ، لَا تَخْشَ مِنْ ضِيقِ الرِّزْقِ بِسَبَبِ وُجُودِ الأَوْلَادِ، لَا إِنْ كُنْتَ فَقِيرَاً، وَلَا إِنْ كُنْتَ تَخْشَى الفَقْرَ، لِأَنَّ الرِّزْقَ عَلَى اللهِ تعالى وَلَيْسَ عَلَيْكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2845 مشاهدة