أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1478 - حكم كريمات تفتيح البشرة وحكم النظرة الدونية للسمراء

21-10-2008 42086 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم كريمات التفتيح والتبييض حيث إن هناك بعض الفتيات ذوات بشرة سوداء يصبحن أقرب إلى البياض؟ وما الحكم إذا كان مجتمعي لا يقبل بالفتاة السوداء، سواء كزوجه أو كأخت، وتصبح مصدر قلق وإحراج لهم. الرجاء الرد مع مراعاة الحالة النفسية التي تعاني منها الفتاة من جراء تلك النظرة الدونية عن سائر أمور الحياة.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1478
 2008-10-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن وضع الكريمات لتفتيح وتبييض البشرة جائز شرعاً بشروط:

أولاً: أن تكون الكريمات من مواد طاهرة.

ثانياً: أن لا يكون فيها ضرر على جسد الإنسان.

ثالثاً: أن لا يكون هناك تدليس إذا كانت الفتاة بكراً وقد تقدم إليها خاطب، أما إذا كانت متزوجة فلا حرج في استخدام هذه الكريمات بالشروط المذكورة سابقاً.

أما هذه النظرة الدونية فهي كبيرة من الكبائر، وعادة من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام لإبطالها، وذلك من خلال قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}. ومن خلال قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى) رواه أحمد.

لذلك رأينا النبي صلى الله عليه وسلم شدَّد النكير على سيدنا أبي ذر رضي الله عنه عندما قال لسيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه: يا بن السوداء، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: (يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ! إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ) رواه البخاري.

فالذي ينظر إلى صنعة الله عز وجل نظرة دونية هذا عبد فيه خصلة من خصال الجاهلية، ولا أدري هل هو ينكر على الصبغة أم على الصبَّاغ؟ ينظر على المخلوق أم على الخالق؟ فلا بد لهذا العبد من توبة صادقة نصوح، وأن يعتذر ممن أساء إليه بهذه النظرة، ويجب عليه أن يعلم بأن الله تعالى ينظر إلى القلوب لا إلى القوالب، فكم ممن كانت بشرته سوداء وهو من أقرب المقرَّبين إلى الله عز وجل كسيدنا بلال رضي الله عنه؟ وكم ممن وجهه صبيح ولكنه في قبره يصيح لسوء أدبه مع الله عز وجل.

وإن كان لا بد من التفاضل فليكن التفاضل بالشيء المكسوب لا بالشيء الموهوب، فلون البشرة واللسان هبةٌ من الله تعالى فلا تفاضل في ذلك، ولكن التفاضل بالشيء المكسوب، أن يكون العبد راضياً عن الله عز وجل.

أما بالنسبة لكِ أنتِ فأذكِّرك بقول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}، وبقول الله عز وجل: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون}، فهذا من جملة الابتلاء، ويجب عليك أن ترضي بقضاء الله وبقدره، وأحذِّرك من الاعتراض، لأن هذا خلق الله، وهذه صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة؟

والمهم أن تكوني راضية عن الله عز وجل في قدره، فإذا رضيت بقدر الله عز وجل فأنت من أغنى الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ) رواه الترمذي.

وإذا وجدت ضعفاً لا قدَّر الله في الإيمان، فأكثري من ذكر الله عز وجل، ومن تلاوة القرآن العظيم، وذلك لقول الله عز وجل: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}.

وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدهم صاحبه قال له: تعال يا أخي نجدد إيماننا، تعال نقول: لا إله إلا الله، لأن الإكثار من كلمة لا إله إلا الله تزيد في الإيمان بعد تجديده.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الراضين بقضاء الله وقدره، وأن نكون من المرضيين عنده، فمن رضي بقضاء الله تعالى فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
42086 مشاهدة