أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5471 - هل اختلاف الفقهاء من الرحمة؟

28-07-2012 47503 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأنَّ اختلاف فقهاء المسلمين في مسائل الفروع من رحمة الله تعالى في الأمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5471
 2012-07-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى البيهقي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، فَالْعَمَلُ بِهِ لا عُذْرَ لأَحَدِكُمْ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ فَسُنَّةٌ مِنِّي مَاضِيَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَنَةٌ مِنِّي مَاضِيَةٌ فَمَا قَالَ أَصْحَابِي، إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، فَأَيُّهَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ».

وفي روايةٍ: «وَجُعِلَ اخْتِلافُ أُمَّتِي رَحْمَةً، وَكَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَنَا عَذَاباً» أخرجه نصر المقدسي في كتاب الحجة.

ثانياً: يقولُ التابعيُّ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَقَدْ نَفَعَ اللهُ بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْمَالِهِمْ، لا يَعْمَلُ الْعَامِلُ بِعَمَلِ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلا رَأَى أَنَّهُ فِي سَعَةٍ، وَرَأَى أَنَّ خَيْراً مِنْهُ قَدْ عَمِلَهُ. اهـ.

ثالثاً: عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أنَّهُ قال: مَا أُحِبُّ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَوْلاً وَاحِداً كَانَ النَّاسُ فِي ضِيقٍ، وَأَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، فَلَوْ أَخَذَ أَحَدٌ بِقَوْلِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كَانَ فِي سَعَةٍ. اهـ.

رابعاً: يقولُ ابنُ عابدين: الاخْتِلافُ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ ـ لا مُطْلَقِ الاخْتِلافِ ـ مِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ فَإِنَّ اخْتِلافَهُمْ تَوْسِعَةٌ لِلنَّاسِ. قَالَ: فَمَهْمَا كَانَ الاخْتِلافُ أَكْثَرَ كَانَتِ الرَّحْمَةُ أَوْفَرَ. اهـ.

وبناء على ذلك:

 فاختلافُ فقهاءِ المسلمينَ في مسائلِ الفروعِ من رحمةِ اللهِ تعالى بالأمَّةِ، وإن كانَ الأصلُ في الحقِّ أنَّهُ واحدٌ لا يتعدَّدُ، ولكن قد يخفى على المكلَّفِ، لذلكَ يجتهدُ الفقهاءُ في مسائلِ الفروعِ، فالمصيبُ منهم له أجران، والمخطئُ له أجرٌ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
47503 مشاهدة