أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1515 - أحبت رجلاً صاحب دين وهو في سن والدها وتريد عرض نفسها عليه

11-11-2008 10338 مشاهدة
 السؤال :
تعرف أبي على شخص في المسجد وهو أستاذ جامعي في العلوم الشرعية، لطالما عاملني ووالدي بأخلاق عالية وأبي يقدره ويحترمه كثيراً، وهو شخص ذو خلق ودين أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله، وهو متزوج وله أبناء، كثيراً ما يمدحني لأبي بأني متخلقة وأهتم بديني (أسأل الله حسن الخاتمة) ويبلغني معه السلام وتهمه أخباري، و لم يتجاوز ذلك أبداً، ثم شعرت أن اهتمامه بي يزيد مع الوقت ووالديّ أيضاً شعرا بهذا. أنا فتاة في عمر الزواج وبالنسبة لي الزوج هو رجل صالح يعينني على أمر الآخرة. (ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً، ولسانا ذاكراً، و زوجة صالحة تعينه على أمر الآخرة) إسناده صحيح. فكرت أن أعرض نفسي عليه ليتزوجني إلا أني ترددت، لأنه يغلب على ظني أن والديّ لا يوافقان على هذا، كما أني أخشى على أسرته، وهو كما قلت آنفاً متزوج وله أربعة من الأولاد تقريباً في سني، فما رأي فضيلتك أرجو النصح والإرشاد.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1515
 2008-11-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فإني أنصحك مهما كان الإنسان صاحب دين وخلق فاحذري من جعل الصلة بينك وبينه، واحذري من التعامل معه مباشرة إلا من وراء حجاب إذا اقتضى الأمر، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ) رواه الإمام أحمد.

لأنَّ الأمر طبيعي أن يميل الرجل إلى المرأة وأن تميل المرأة إلى الرجل، لذلك حذَّرنا مولانا من اقتراب الجنسين من بعضهما البعض فقال للطرفين: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون}.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ) رواه الإمام أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: (إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قبله) رواه الطبراني. وربنا عز وجل عرفنا عن صفاته فقال: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور}.

فاللقاء بين الجنسين والنظر لبعضهما البعض، والسؤال لبعضهما البعض من دون حجاب بينهما يحرك في النفس ما لا يعلمه إلا الله تعالى.

لذلك كوني على حذر من ذلك، فزلقات الشيطان الذي أخبرنا ربنا عز وجل عنه عندما قال لربنا تبارك وتعالى: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين}. فعمل الشيطان عند أهل الاستقامة من أجل غوايتهم، نسأل الله تعالى أن يكفينا شرَّه. آمين آمين آمين.

ثانياً: لا أنصحك بعرض نفسك عليه بالزواج، لأنَّ هذا لا يليق بالمرأة المسلمة أن تعرض نفسها هي على الرجل مباشرة، لأنَّ الإسلام كرَّم المرأة فجعلها مخطوبة لا خاطبة، لذلك خاطب الإسلام أولياء أمور البنات بقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الإمام أحمد.

فالرجل يأتي للرجل خاطباً كريمته، ولا مانع إذا رأى ولي أمر الفتاةِ الرجلَ الصالحَ أن يعرض عليه ابنته، كما فعل سيدنا عمر رضي الله عنه عندما تأيمت ابنته حفصة رضي الله عنها، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: (تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسٍ يَعْنِي ابْنَ حُذَافَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَلَقِيتُهُ فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا إِلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا، وَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا نَكَحْتُهَا) رواه الإمام أحمد والنسائي.

وكما فعل سيدنا شعيب مع سيدنا موسى عليه السلام، عندما قال سيدنا شعيب عليه السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}. وأنا أنصح إذا استطاع والدك أو ولي أمرك من الرجال أن يعرض على رجل صالح الزواج منك وأن يكون عازباً لا متزوجاً، لأنَّ أكثر النساء اليوم ما تربَّيْنَ على قبول فكرة تعدد الزوجات، وهذا من تقصير أولياء الأمور في التوجيه الصحيح لأبنائهم.

أما إذا كانت زوجة هذا الرجل تتقبل فكرة التعدد وعندها وَسَاعةُ صدر وحسنُ خلق فلا حرج من عرض الموضوع عليه.

وأنا لا أنصح في الموافقة على الزواج منه بدون علم الزوجة الأولى، لأنَّ الأمور لا تحمد عقباها. أسأل الله لنا ولكم السداد. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10338 مشاهدة