أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6280 - {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}.

05-05-2014 392 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قوله تعالى: {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6280
 2014-05-05

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هذا لَيسَ أمراً تَكلِيفِيَّاً، بل هوَ نَوعٌ من أنواعِ التَّهدِيدِ للشَّيطانِ فيما يَفعَلُ، كَقَولِ القَائِلِ: أعلَى ما في خَيلِكَ فاركَبْهُ.

ثانياً: أمَّا مُشَارَكَةُ الشَّيطانِ للإنسانِ في مَالِهِ، فهيَ تَحذيرٌ للإنسانِ من أن يُنفِقَ المالَ في مَعصِيَةِ الله عزَّ وجلَّ، وأن يَتَعَامَلَ فيهِ بالرِّبا، فَيُنفِقُهُ في حَرامٍ، ويَكسِبُهُ من حَرامٍ، ولا يَعرِفُ لله تعالى فيهِ حَقَّاً.

ومن جُملَةِ المُشَارَكَةِ في المالِ، مُشَارَكَتُهُ للإنسانِ في الطَّعَامِ والشَّرابِ والمَبيتِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُر اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُم الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُر اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُم الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ».

ثالثاً: أمَّا مُشَارَكَةُ الشَّيطانِ للإنسانِ في وَلَدِهِ، فَتَكونُ في غِوَايَةِ الأولادِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْداً حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُم الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَاناً».

وروى الشيخان عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّب الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً».

ويَقولُ الحَسَنُ البَصرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَد والله شَارَكَهُم في الأموالِ والأولادِ فَمَجَّسُوا، وهَوَّدُوا، ونَصَّرُوا، وَصَبَغُوا غَيرَ صِبغَةِ الإسلامِ.

وبناء على ذلك:

فَكُلُّ مَعصِيَةٍ تَتَعَلَّقُ بالأموالِ والأولادِ هيَ مُشَارَكَةٌ للشَّيطانِ، فقد زَيَّنَ الشَّيطانُ للكَثيرِ من النَّاسِ أكلَ الأموالِ بالحَرامِ بِكُلِّ صُوَرِه، ومَنْعَ الزَّكاةِ وحُقُوقَ الله تعالى في المالِ، كما زَيَّنَ لَهُم تَهويدَ الأولادِ، وتَنصِيرَهُم، وتَفسِيقَهُم، وانحِرَافَهُم عن شَرْعِ الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
392 مشاهدة
الملف المرفق