أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7954 - الردة وحدها

10-04-2017 2225 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تعريف الردة؟ ومتى يصبح العبد مرتداً؟ وما هو حد المرتد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7954
 2017-04-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الرِّدَّةُ هِيَ خُرُوجُ المُسْلِمِ عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ، أَوْ بِلَفْظٍ يَـقْتَضِي خُرُوجَهُ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى، أَوْ بِفِعْلٍ يَتَضَمَّنُ خُرُوجَهُ عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ثانياً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ تعالى بَعْدَ إِيمَانِهِ، أَوْ نَفَى صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ الثَّابِتَةِ، أَوْ أَثْبَتَ للهِ تعالى الوَلَدَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ.

وَيُصْبِحُ المُسْلِمُ كَافِرَاً مُرْتَدَّاً إِذَا جَحَدَ القُرْآنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَلَوْ كَلِمَةً وَاحِدَةً مِنَ القُرْآنِ.

وَيُصْبِحُ المُسْلِمُ كَافِرَاً مُرْتَدَّاً إِذَا اعْتَقَدَ كَذِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ، وَإِذَا اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ؛ كَالزِّنَا أَوْ شُرْبِ الخَمْرِ، أَوْ أَنْكَرَ أَمْرَاً مَعْلُومَاً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.

ثالثاً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ المُسْلِمَ إِذَا سَبَّ اللهَ تعالى فَقَدْ كَفَرَ بِذَلِكَ وَصَارَ مُرْتَدَّاً، سَوَاءٌ كَانَ مَازِحَاً أَوْ جَادَّاً أَوْ مُسْتَهْزِئَاً ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.

وَكَذَلِكَ إِذَا سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ كَافِرَاً مُرْتَدَّاً؛ أَوْ سَبَّ نَبِيَّاً مِنَ الأَنْبِيَاءِ المُتَّفَقِ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ.

رابعاً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِلْقَاءَ المُصْحَفِ الشَّرِيفِ في مَكَانٍ قَذِرٍ، أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلَاً يَدُلُّ عَلَى الاسْتِخْفَافِ فِيهِ، يُوجِبُ الكُفْرَ وَالرِّدَّةِ.

خامساً: لَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في أَنَّ مَنْ جَحَدَ رُكْنَاً مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ يُصْبِحُ بِذَلِكَ كَافِرَاً مُرْتَدَّاً عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

سادساً: تَثْبُتُ الرِّدَّةُ بِالإِقْرَارِ أَوْ بِالشَّهَادَةِ، وَإِذَا أَنْكَرَ المُرْتَدُّ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ اعْتُبِرَ إِنْكَارُهُ تَوْبَةً.

سابعاً: عُقُوبَةُ المُرْتَدِّ إِذَا أَصَرَّ عَلَى رِدَّتِهِ القَتْلُ، لِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَعُقُوبَةُ المُرْتَدِّ المُصِرِّ القَتْلُ، وَهَذَا التَّشْدِيدُ في العُقُوبَةِ لِأُمُورٍ عِدَّةٍ؛ مِنْهَا:

1ـ هَذِهِ العقُوبَةُ زَجْرٌ لِمَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ في الإِسْلَامِ مُصَانَعَةً أَوْ نِفَاقَاً، وَبَاعِثٌ لَهُ عَلَى التَّثَبُّتِ في الأَمْرِ، فَلَا يُقْدِمُ إلى الإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ وَعِلْمٍ بِعَوَاقِبِ ذَلِكَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَإِنَّ مَنْ أَعْلَنَ إِسْلَامَهُ فَقَدْ وَافَقَ عَلَى الْتِزَامِهِ بِكُلِّ أَحْكَامِ الإِسْلَامِ بِرِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُعَاقَبَ بِالقَتْلِ إِذَا ارْتَدَّ.

2ـ هَذِهِ العُقُوبَةِ دَرْءٌ لِكُلِّ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَاً في فِتْنَةِ المُسْلِمِينَ، أَوْ تَفْرِيقِ كَلِمَتِهِمْ.

3ـ المُرْتَدُّ قَدْ يَرَى فِيهِ ضُعَفَاءُ الإِيمَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ الإِسْلَامَ إِلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ بِحَقِيقَتِهِ وَتَفْصِيلَاتِهِ، فَلَوْ كَانَ حَقَّاً لَمَا تَحَوَّلَ عَنْهُ.

4ـ وَإِذَا كَانَ البَشَرُ يَحْمُونَ قَوَانِينَهُمْ بِعُقُوبَةِ القَتْلِ، فَدِينُ اللهِ الحَقُّ الذي لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، والذي كَانَ كُلُّهُ خَيْرٌ وَسَعَادَةٌ وَهَنَاءٌ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى بِأَنْ يُعَاقِبَ مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ؛ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. فَعَلَى مَنْ يَدْخُلُ في دِينِ اللهِ تعالى أَنْ يَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ.

وَهُنَا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى المُسلِمِ أَنْ لَا يَتَسَرَّعَ في الحُكْمِ عَلَى الإِنْسَانِ المُسْلِمِ بِالكُفْرِ أَو بِالرِّدَّةِ إِلَّا بَعْدَ التَّثَبُّتِ، وَهَذَا مِنْ وَظِيفَةِ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَتْوَى، خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ المُتَسَرِّعُ تَحْتَ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» رواه الشيخان واللفظ للإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَتَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ دَعَا رَجُلَاً بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ (بَاءَ وَرَجَعَ)» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2225 مشاهدة