أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2421 - ما هو ضابط لباس الشهرة؟

21-10-2009 15358 مشاهدة
 السؤال :
قرأت لكم فتوى في لباس الشهرة، فما هو الضابط للباس الذي يخرج من دائرة لباس الشهرة؟ مع العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)، وقال: (إن الله جميل يحب الجمال)، وهل لثمن الثوب علاقة في هذا؟ وإذا كانت بيئة العمل تتطلب لباساً معيناً فهل في ذلك حرج؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2421
 2009-10-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن نعم الله عز وجل علينا أنه أنزل علينا لباساً يواري سوآتنا، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُون}. وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}. وروى الترمذي عنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ).

ومن المتفق عليه أنه يباح من الألبسة الثوب الجميل ما لم يكن محرماً كالحرير للرجال، ويستحب أن يتزين في الأعياد والجمع ومجامع الناس بدون صلف ولا خيلاء.

ومن ترك ذلك وهو قادر عليه تزمُّتاً أو تديُّناً فقد أخطأ، لأن الشرع ما دعا إلى ذلك، بل دعا إلى العكس من هذا، وذمَّ من ظنَّ أن هذا من التديُّن، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون}.

أما لبس الملابس التي تخالف عادات الناس فمكروه لما فيه من شهرة، ورفع الإشارة إليه بالأصابع، ويوقع الناس في غيبته، ويكون بذلك شاركهم بإثم الغيبة.

وقد أخرج أبو داود في سننه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن الشهرتين»، فقيل: يا رسول الله وما الشهرتان؟ قال: «رقة الثياب وغلظها، ولينها وخشونتها، وطولها وقصرها، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد». وأخرج البيهقي في السنن وفي شعب الإيمان أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن الشهرتين: أن يلبس الثياب الحسنة التي ينظر إليه فيها، أو الدنية أو الرثة التي ينظر إليه فيها».

ومعنى ثياب الشهرة: أن يلبس الإنسان ثياباً يقصد بها الاشتهار بين الناس وليرفع أبصار الناس إليه، ويتكبَّر عليهم ويختال بها على الآخرين.

وبناء على ذلك:

فما دام اللباس تتطلبه منك بيئة العمل، والمحيط الذي حولك يلبس هذه الثياب فلا حرج من ذلك إن شاء الله تعالى، ما لم تصبح عبداً لهذه الثياب، قال صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ» عبد الخميصة يعني: عبد الثياب.

وما لم تتكبَّر بها على أحد من الناس، والله تعالى يحب أن يُرى أثر نعمته على عبده، وصدق الله القائل: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث}. والتحدُّث بالنعمة يكون بالقول والفعل بدون استعلاء ولا تكبر، وينبغي أن يلبس العبد فوق هذا اللباس لباس التقوى، كما قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
15358 مشاهدة