أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9430 - صلاة النافلة في البيت

29-01-2019 412 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح أنه من السنة أن تُصلى صلاة النافلة في البيت؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9430
 2019-01-29

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الإمام البخاري عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً ـ قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ ـ فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ»

وروى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورَاً».

وروى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبَاً مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرَاً».

وَيَقُولُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ النَّوَافِلِ؛ لِأَنَّ المُرَادَ بِالمَكْتُوبَةِ المَفْرُوضَةَ، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّجْمِيعُ، وَكَذَا مَا لَا يَخُصُّ المَسْجِد كَرَكْعَتَيِ التَّحِيَّة. اهـ.

وَيَقُولُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فِي البَيْتِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ غَيْرُهَا، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا عِنْدنَا، وَبِهِ قَالَ الجُمْهُورُ، وَسَوَاءٌ عِنْدنَا وَعِنْدهُمْ رَاتِبَةُ فَرَائِضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ. اهـ.

وَيَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَالتَّطَوُّعُ فِي البَيْتِ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إلَّا المَكْتُوبَةَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَقَالَ: «إذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبَاً مِنْ صَلَاتِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرَاً». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي البَيْتِ أَقْرَبُ إلَى الإِخْلَاصِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ السِّرِّ، وَفِعْلُهُ فِي المَسْجِدِ عَلَانِيَةٌ، وَالسِّرُّ أَفْضَلُ. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُصَلَّى النَّوَافِلُ في البَيْتِ، لِأَنَّ البَيْتَ الذي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ بَيْتٌ عَامِرٌ، أَمَّا البَيْتُ الذي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَلَا تُصَلَّى فِيهِ نَافِلَةٌ، يَكُونُ كَالقَبْرِ الخَرِبِ.

بَلْ إِنَّهُ مِنَ الخَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ المَرْءُ نَصِيبَاً مِنْ صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، حَتَّى يُعَمِّرَهُ بِالذِّكْرِ وَالتَّقَرُّبِ إلى اللهِ سُبْحَانَهُ وتعالى، وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ في البَيْتِ أَقْرَبُ إلى الإِخْلَاصِ.

وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ صَلَاةَ الرَّوَاتِبِ تُصَلَّى مَعَ الفَرِيضَةِ في المَسْجِدِ، وَأَمَّا النَّوَافِلُ المُطْلَقَةُ كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالضُّحَى وَالأَوَّابِينَ هِيَ في البَيْتِ أَفْضَلُ.

وَإِذَا خَشِيَ الإِنْسَانُ مِنْ فَوَاتِ النَّوَافِلِ في البَيْتِ، فَلْيُصَلِّهَا في المَسْجِدِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
412 مشاهدة