أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

480 - حكم التأمين الصحي والتأمين ضد الأخطار

03-09-2007 24542 مشاهدة
 السؤال :
ما هو الحكم الشرعي في التأمين الصحي، والتأمين ضد الأخطار، حيث سمعنا عدة فتاوى متضاربة في هذا الموضوع، منهم من أجازه ومنهم من حرَّمه، فلا ندري أين الصواب؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 480
 2007-09-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن عقود التأمين من العقود المستحدثة، والفقهاء القدامى لم يتحدثوا عن ذلك، وأول من تحدث عنه العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى.

وأما العلماء المعاصرون فقد انقسموا في حكم عقود التأمين إلى ثلاثة مذاهب:

الأول: قالوا بتحريم عقود التأمين بكل صورها وأنواعها.

الثاني: قالوا بجواز عقود التأمين بكل صورها وأنواعها.

الثالث: قالوا بتحريم التأمين التجاري، وبجواز التأمين التعاوني (التبادلي).

والفارق بين التأمين التجاري والتأمين التبادلي (التعاوني) أن:

الأول (التأمين التجاري): هو عقد بين طرفين، الطرف الأول يدفع أقساطاً متتابعة للطرف الثاني، أو مبلغاً مقطوعاً، ومقابل تعهد الطرف الثاني بتعويض الطرف الأول عن أضراره بالغة ما بلغت بشروط يتفقون عليها.

الثاني (التأمين التبادلي): يكون بشكل جماعة يكون لهم صندوق تجمع فيه الأموال من المؤمَّنين، حتى إذا ما وقع بأحدهم ضرر داخل في حدود ما جرى عليه التأمين، عوضوه من هذا الصندوق عن أضراره بشروط متفق عليها.

وإنني أقف مع القسم الأول الذين قالوا بتحريم عقود التأمين بكل صورها، إن كانت عقود تأمين تجاري، أو كانت عقود تأمين تبادلي (تعاوني)، للأسباب التالية:

أولاً: الدافع لا يعرف مقدار ما سوف يدفعه من الأقساط، ولا يعرف مقدار ما يأخذه من تعويض، وربما لا يأخذ شيئاً، وهذا من الغرر الفاحش الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر).

ثانياً: عقود التأمين بكل أنواعها من عقود المقامرة والميسر، لأن الدافع يدفع طمعاً في أن يأخذ أكثر مما دفع إذا وقع عليه ضرر، وهو نوع من الميسر المنهي عنه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}. ولو علم الدافع أنه لن يأخذ شيئاً، لأنه لن يصاب بضرر فلن يشترك في هذا التأمين، ولو علم أنه سيأخذ مقدار ما دفع أو أقل مما دفع لما اشترك في هذا التأمين، فإذاً هو دفع الأقل طمعاً في أخذ الأكثر إذا وقع عليه ضرر.

ثالثاً: عقود التأمين من العقود الربوية، حيث يدفع المؤمَّن له الأقساط التي عليه، ثم يقبض أكثر منها إذا وقع عليه الضرر، وهذا هو ربا الفضل المحرَّم بنص القرآن والسنة المطهَّرة.

ولا يقال إن هذه العقود من عقود التبرع والتعاون على البر والتقوى التي دعا إليها الإسلام بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، فهذا الكلام مردود، لأن التبرع هبة، والهبة هي عطاء بدون مقابل، وعقود التأمين شرطها الأساسي أن المؤمِّن يطالب بحقه حسب زعمه شركات التأمين، فهو عطاء مشروط بعوض، وهذا لا يكون هبة.

وبناء عليه:

عقود التأمين بكل صورها فيما يبدو لي ومن خلال الأدلة السابقة لا تجوز شرعاً، ولا يجوز الاشتراك فيها، لأن فيها أخذاً لأموال الآخرين بغير حق. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
24542 مشاهدة