أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6636 - «وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ, وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ»

16-12-2014 5567 مشاهدة
 السؤال :
في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُغَرْبَلُونَ فِيهِ غَرْبَلَةً، يَبْقَى مِنْهُمْ حُثَالَةٌ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا ـ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ـ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ». فما هو المقصود من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6636
 2014-12-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ» يَعنِي: اِلزَمُوا أَمْرَ أَنفُسِكُم، واحفَظُوا دِينَكُم، وانشَغِلُوا بِخَاصَّتِكُم.

وقَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ» يَعنِي: اُترُكُوا النَّاسَ ولا تَتَّبِعُوهُم.

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ المَعْبُودِ: وَهَذَا رُخْصَةٌ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ، إِذَا كَثُرَ الْأَشْرَارُ، وَضَعُفَ الْأَخْيَارُ.

وبناء على ذلك:

فالحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُوَجِّهُ المُؤمِنَ إذا أَدرَكَهُ زَمَنٌ كَثُرَ فِيهِ الْأَشْرَارُ، وَقَلَّ فِيهِ الْأَخْيَارُ، أن يَنشَغِلَ بِنَفْسِهِ وأَهلِهِ في إصْلاحِهِم، ويَعْتَزِلَ النَّاسَ، هذا بِشَكْلٍ عَامٍّ، ولكنْ إذا كَانَ الإنسَانُ قَوِيَّاً في شَخصِيَّتِهِ الإيمَانِيَّةِ، بِحَيثُ يَكُونُ مُؤَثِّرَاً لا مُتَأَثِّرَاً، فاختِلاطُهُ مَعَ النَّاسِ أَولَى، مَعَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ، مَعَ الصَّبْرِ على أَذَاهُم، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْراً مِن الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ».

وأمَّا إذا كَانَ الإنسَانُ يَخَافُ على نَفْسِهِ من التَّأَثُّرِ من الأَشرَارِ، والوُقُوعِ في المَعصِيَةِ، فالعُزْلَةُ لَهُ أَولَى، وأن يَلْتَزِمَ بالحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ». هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5567 مشاهدة