أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1951 - حكم بيع العينة

10-04-2009 21006 مشاهدة
 السؤال :
قرأت حديثاً عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) فما هو بيع العينة؟ وما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1951
 2009-04-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَتَبَايَعُوا بِالْعَيْنِ، وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله، أَنْزَلَ الله بِهِمْ بَلاءً فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ).

وفي رواية عند أبي داود: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) .

أما بيع العينة فهو: بيع سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثم يشتريها البائع نفسها نقداً بثمن أقل من ذلك الثمن قبل قبض الثمن من المشتري.

هذا البيع اخترعه أكلة الربا كما قال محمد بن الحسن: هذا البيع في قلبي كأفعال الجبال، اخترعه أكلة الربا.

وهذا البيع عند جمهور الفقهاء لا يجوز لأنه ذريعة إلى الربا، واستدلوا على تحريم هذا البيع بالأحاديث المذكورة.

أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ) فالمراد منه الاشتغال بالحرث والزرع في زمن يتعين فيه الجهاد في سبيل الله، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ). وقد روى الترمذي عن أَبِي عِمْرَانَ التّجِيبِيِّ قَالَ: كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَكْثَرُ وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ الله يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَمَّا أَعَزَّ الله الإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ الله عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }. فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ، فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصًا فِي سَبِيلِ الله حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
21006 مشاهدة