128ـ كلمة شهر شوال 1438: العيد فرحة لإتمام العبادة

128ـ كلمة شهر شوال 1438: العيد فرحة لإتمام العبادة

 

128ـ كلمة شهر شوال 1438: العيد فرحة لإتمام العبادة

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ حَيَاتَنَا في هَذِهِ الدُّنْيَا مَحْدُودَةُ الآجَالِ، وَأَيَّامَنَا سَرِيعَةُ الانْقِضَاءِ وَالزَّوَالِ، وَإِنَّ الوَاحِدَ مِنَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، وَمِنْ دَارٍ إلى دَارٍ، حَتَّى يَكُونَ المَآلُ في جَنَّةٍ أَو نَارٍ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى.

مَا أَقْرَبَ الأَمْسَ حِينَ كُنَّا نُبَشَّرُ بِدُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ، وَاليَوْمَ نَتَحَدَّثُ عَنْهُ، وَقَدْ صَارَ في سَالِفِ الأَزْمَانِ.

إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَطَّةً لِتَزْكِيَةِ نُفُوسِنَا وَقُلُوبِنَا، لِنَنْطَلِقْ مِنْهُ إلى آفَاقٍ وَاسِعَةٍ في العِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ، حَتَّى نَصِلَ إلى دَرَجَةِ التَّقْوَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. فَتَقْوَى اللهِ تعالى هِيَ الحِكْمَةُ مِنَ الصَّوْمِ، وَقَدْ كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَخَافُونَ اللهَ تعالى بَعْدَ الطَّاعَاتِ، مُمْتَثِلِينَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.

خَـفِ اللهَ وَارْجُـوهُ لِـكُـلِّ عَظِيمَةٍ    ***   وَلَا تُطِعِِ النَّفْسَ اللَّجُوجَ فَتَنْدَمَا

وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنَ الخَوْفِ وَالرَّجَا   ***   وَأَبْـشِرْ بِـعَفوِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمَا

العِيدُ فَرْحَةٌ لِإِتْمَامِ العِبَادَةِ:

يَا عِبَادَ اللهِ: شَرَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا العِيدَ بَعْدَ إِتْمَامِ عِبَادَةِ رُكْنٍ عَظِيمٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَهُوَ الصِّيَامُ، وَجَعَلَ العِيدَ وَسِيلَةً مِنْ وَسَائِلِ شُكْرِ اللهِ تعالى للآلَاءِ، وَمَظْهَرَاً مِنْ مَظَاهِرِ القُوَّةِ وَالإِخَاءِ.

العِيدُ صِلَةٌ للأَرْحَامِ، وَزِيَارَةٌ للأَقَارِبِ وَالأَصْحَابِ، وَعَطْفٌ وَرَحْمَةٌ وَحَنَانٌ، وَفَرْحَةٌ بِانْتِصَارِ الطَّاعَةِ عَلَى المَعْصِيَةِ، وَسُرُورٌ يَتَغَلَّبُ المُؤْمِنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَابْتِهَاجٌ بِوَعْدِ اللهِ تعالى الكَرِيمِ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَالفَوْزِ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: فَرْحَةُ العِيدِ في بُلُوغِ الأَمَانِي، وَقَبُولِ الرَّحْمَنِ للطَّاعَاتِ وَالعِبَادَاتِ، مَرَّ أَحَدُ الصَّالِحِينَ عَلَى قَوْمٍ يَلْهُونَ وَيَلْغُونَ يَوْمَ العِيدِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ كُنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ في رَمَضَانَ فَلَيْسَ هَذَا شُكْرُ الإِحْسَانِ، وَإِنْ كُنْتُمْ أَسَأْتُمْ فَمَا هَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ أَسَاءَ مَعَ الرَّحْمَنِ.

اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا طَاعَاتِنَا وَاغْفِر لَنَا تَقْصِيرَنَا. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 1/ شوال /1438هـ، الموافق: 25/حزيران / 2017م

 2017-06-24
 3095
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

13-03-2024 136 مشاهدة
211ـ القرآن أنيسنا

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ... المزيد

 13-03-2024
 
 136
09-02-2024 448 مشاهدة
210ـ انظر عملك في شهر شعبان

أَخْرَجَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ ... المزيد

 09-02-2024
 
 448
13-01-2024 279 مشاهدة
209ـ اغتنام ليل الشتاء

الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ، وَفُرْصَةُ تَزَوُّدٍ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.  الأَيَّامُ تَتَعَاقَبُ وَتَتَوَالَى، وَهَا نَحْنُ في الشِّتَاءِ، فَلْنَسْمَعْ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد

 13-01-2024
 
 279
14-12-2023 386 مشاهدة
208ـ ماذا جرى لهذه الأمة؟

مَاذَا جَرَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ هَلْ تَفْقِدُ ذَاكِرَتَهَا وَتَجْلِسُ مَعَ عَدُوِّهَا تَبْحَثُ عَنْ سَلَامٍ وَعُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ؟ يَذْبَحُهَا عَدُوُّهَا بِالأَمْسِ، فَتَمُدُّ لَهُ ذِرَاعَ المُصَافَحَةِ اليَوْمَ. يَصْفَعُهَا بِالأَمْسِ، ... المزيد

 14-12-2023
 
 386
16-11-2023 500 مشاهدة
207ـ لا تزال الأمة تبتلى

مَاذَا يَقُولُ الإِنْسَانُ المُسْلِمُ، وَمَاذَا يَفْعَلُ وَالمَجَازِرُ الدَّمَوِيَّةُ تُرْتَكَبُ عَلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ وَفي غَزَّةَ خَاصَّةً شَمَلَتِ الشُّيُوخَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ الضُّعَفَاءَ وَالآمِنِينَ، وَالعَالَمُ كُلُّهُ ... المزيد

 16-11-2023
 
 500
16-09-2023 527 مشاهدة
205ـ كيف لا نحب الحبيب صلى الله عليه وسلم!

مَا أَجْمَلَ شَهْرَ الرَّبِيعِ الذي وُلِدَ فِيهِ الحَبِيبُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟! حَيْثُ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ يُذَكِّرُنَا بِفَصْلِ الرَّبِيعِ الذي فِيهِ تَتَفَتَّحُ الأَزْهَارُ، وَتُغَرِّدُ ... المزيد

 16-09-2023
 
 527

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411987536
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :