أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6985 - {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}

21-08-2015 2100 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في سورة الزمر: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. والسؤال: هل الضمير في قوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}. يعود على الملائكة الحافين من حول العرش؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6985
 2015-08-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. جَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرَاً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرَاً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾.

فاللهُ تعالى لَمَّا قَضَى الأَمْرِ، فَدَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، وأَنْزَلَ كُلَّاً في المَحَلِّ الذي يَلِيقُ بِهِ، ويَصْلُحُ لَهُ، أَخْبَرَ تَبَارَكَ وتعالى عَن مَلائِكَتِهِ أَنَّهُم مُحَدِّقُونَ حَوْلَ العَرْشِ المَجِيدِ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِم، ويُمَجِّدُونَهُ، ويُعَظِّمُونَهُ، ويُقَدِّسُونَهُ ويُنَزِّهُونَهُ عَن النَّقَائِصِ والجَوْرِ، وَقَد فَصَّلَ القَضِيَّةَ، وَقَضَى الأَمْرَ، وَحَكَمَ بالعَدْلِ؛ ولهذا قَالَ: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾. أي: بَيْنَ الخَلَائِقِ ﴿بِالْحَقِّ﴾.

ثمَّ قَالَ: ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أي: وَنَطَقَ الكَوْنَ أَجْمَعُهُ ـ نَاطِقُهُ وَبَهِيمُهُ ـ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بالحَمْدِ في حُكْمِهِ وَعَدْلِهِ؛ ولهذا لَمْ يُسْنِدِ القَوْلَ إلى قَائِلٍ، بَلْ أَطْلَقَهُ، فَدَلَّ على أَنَّ جَمِيعَ المَخْلُوقَاتِ شَهِدَتْ لَهُ بالحَمْدِ.

قَالَ قَتَادَةُ: اِفْتَتَحَ الخَلْقَ بالحَمْدِ في قَوْلِهِ: ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ﴾. وَاخْتَتَمَ بالحَمْدِ في قَوْلِهِ: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

وبناء على ذلك:

فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾. يَعُودُ على البَشَرِ الذينَ قَضَى اللهُ بَيْنَهُم، وسِيقَ كُلُّ قَوْمٍ إلى المَقَامِ الذي يُنَاسِبُهُ، فالمُؤْمِنُونَ حَمِدُوا اللهَ تعالى أَولاً على النِّعَمِ ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾. ثمَِّ بَعْدَ ذلكَ يَحْمَدُونَ اللهَ تعالى على نِعْمَةِ العِنْدِيَّةِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2100 مشاهدة