أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

752 - ما هي البدعة الحسنة؟

01-01-2008 63864 مشاهدة
 السؤال :
هل هناك بدعة حسنة يمكن أن نوجدها؟ وهل صلاة التراويح جماعة عشرين ركعة من البدعة الحسنة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 752
 2008-01-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى في تعريف البدعة في كتابه قواعد الأحكام في مصالح الأنام: (البدعة: فعلُ ما لم يُعهَد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة. والطريق في معرفة ذلك أن تُعرَض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة.

وللبدع الواجبة أمثلة:

أحدها: الاشتغال بعلم النحو الذي يُفهَم به كلام الله وكلام رسولهِ صلى الله عليه وسلم، وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب.

المثال الثاني: حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة.

المثال الثالث: تدوين أصول الفقه.

المثال الرابع: الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم، وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعيَّن، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه.

وللبدع المحرمة أمثلة، منها: مذهب القَدَرِيَّةِ، ومنها مذهب الجَبْرِيَّةِ، ومنها مذهب المُرْجِئَةِ، ومنها مذهب المُجَسِّمَةِ، والرد على هؤلاء من البدع الواجبة.

وللبدع المندوبة أمثلة، منها: إحداث الرُّبُطِ والمدارس وبناء القناطر، ومنها كل إحسان لم يُعهَد في العصر الأول، ومنها: صلاة التراويح، ومنها الكلام في دقائق التصوف، ومنها الكلام في الجَدَل في جمع المحافل للاستدلال على المسائل إذا قُصد بذلك وجه الله سبحانه.

وللبدع المكروهة أمثلة، منها: زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف، وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي، فالأصح أنه من البدع المحرمة.

وللبدع المباحة أمثلة، منها: المصافحة عقِيبَ الصبح والعصر، ومنها التوسع في اللذيذ من المأكل والمشارب والملابس والمساكن، ولُبْسِ الطَّيَالِسَةِ، وتوسيع الأكمام.

وقد يُختلَف في بعض ذلك، فيجعله بعضُ العلماء من البدع المكروهة، ويجعلُه آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده، وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة) اهـ.

وبناء عليه:

فمن البدع المندوبة: صلاة التراويح عشرين ركعة جماعة في المسجد بإمام واحد. وهذا ما فعله سيدنا عمر رضي الله عنه في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، وقال: (نعم البدعة هذه) رواه البخاري. ونحن على يقين بأن هذا الأمر له دليله عند سيدنا عمر رضي الله عنه.

ومن الأدلة المعتمد عليها في ذلك، ما أخرجه مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سَنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة فعُمِل بها بعده كُتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإسلام سُنَّة سيئة فعُمِل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء).

وأما إذا خالفت البدعة نصاً من الكتاب والسنة فهي ردٌّ على فاعلها، ويكون فاعلها آثماً، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه.

ويجب أن يعتقد بالبدعة الحسنة المندوبة أنها ليست فرضاً ولا واجباً ولا سنة، ولا ينكر على تاركها، كما لا ينكر على فاعلها بهذا الشرط. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
63864 مشاهدة