أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8616 - نية المرء خير من عمله

15-01-2018 7004 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة قول: نية المرء خير من عمله، وما معناه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8616
 2018-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ، فَإِذَا عَمِلَ المُؤْمِنُ عَمَلَاً نَارَ فِي قَلْبِهِ نُورٌ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وروى البيهقي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا مَعْنَى الحَدِيثِ، فَقَدْ قَالَ شُرَّاحُ الحَدِيثِ فِيهِ أَقْوَالَاً عِدَّةً؛ مِنْهَا:

أَنَّ النِّيَّةَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، وَأَعْمَالُ القَلْبِ تَكُونُ مُضَاعَفَةً، لِأَنَّهَا غَيْبٌ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ تعالى، بِخِلَافِ الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ.

أَنَّ النِّيَّةَ سِرٌّ لَا يَدْخُلُهَا رِيَاءٌ وَلَا سُمْعَةٌ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا آفَةٌ مِنَ الآفَاتِ التي تُحْبِطُ العَمَلَ.

النِّيَّةُ هِيَ شَرْطُ قَبُولِ العَمَلِ عِنْدَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» رواه الإمام البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. لِذَا كَانَتْ خَيْرَاً مِنَ العَمَلِ الظَّاهِرِ.

النِّيَّةُ خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ، يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ المُؤْمِنِ دَائِمَاً وَأَبَدَاً مُسْتَمِرَّةٌ، وَلَكِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ قَدْ تَنْقَطِعُ، لِذَا كَانَ خُلُودُ أَهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى الطَّاعَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ كَانَ خُلُودُ أَهْلِ النَّارِ في النَّارِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَاهُ النِّيَّةُ مِنْ أَعْمَالِ القُلُوبِ، فَمَنْ عَجِزَ عَنْ إِتْيَانِ العَمَلِ الصَّالِحِ في الظَّاهِرِ لِسَبَبٍ قَاهِرٍ، وَكَانَ نَاوِيَاً العَمَلَ بِصِدقٍ كُتِبَ لَهُ الأَجْرُ كَامِلَاً بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: «إِنَّ أَقْوَامَاً بِالمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبَاً وَلَا وَادِيَاً إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ».

وَلَا يَعْنِي الحَدِيثُ أَنْ يَنْوِيَ العَبْدُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَيَكْتَفِيَ بِالنِّيَّةِ دُونَ العَمَلِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ بِدُونِ عَمَلٍ مَعَ وَجُودِ القُدْرَةِ عَلَى العَمَلِ لَا تَكْفِي. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7004 مشاهدة