أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

570 - حكم الانتفاع بالبيت المرهون (الرهنية)

20-10-2007 49060 مشاهدة
 السؤال :
 2007-10-13
ما حكم الرهنية أي أن يدفع شخص مبلغاً معيناً لصاحب عقار لفترة معينة يتصرف في العقار بما يشاء، وعند انتهاء المدة يعاد له المبلغ. مع الأدلة الشرعية إذا سمحتم بذلك ولكم جزيل الشكر.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 570
 2007-10-20

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فَعَقْدُ الرَّهْنِ في أَصْلِهِ عَقْدُ تَوْثِيقٍ لَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَالرَّهْنُ جَعْلُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا أَو مِنْ ثَمَنِهَا إِذَا تَعَذَّرَ الوَفَاءُ، وَهَذَا العَقْدُ مَشْرُوعٌ بِنَصِّ القُرْآنِ الكَرِيمِ، يَقُولُ تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبَاً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾.

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ عِنْدَمَا اشْتَرَى مِنْهُ طَعَامَاً، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامَاً بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.

وَمَا يَجْرِي اليَوْمِ هُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ بَيْنَ مُقْرِضٍ وَمُسْتَقْرِضٍ، بَيْنَ دَائِنٍ وَمَدِينٍ، يُعْطِي الدَّائِنُ مَبْلَغَاً مِنَ المَالِ لِقَاءَ سُكْنَاهُ في بَيْتِهِ أَو مَحَلِّهِ بِدُونِ أَجْرٍ، أَو بِأَجْرٍ رَمْزِيٍّ، وَالعَقْدُ بِهَذَا الشَّكْلِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الدَّائِنَ المُقْرِضَ يَنْتَفِعُ مِنَ البَيْتِ أَو المَحَلِّ بِدُونِ مُقَابِلٍ، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعَاً فَهُوَ رِبَاً، إِلَّا إِذَا دَفَعَ المُرْتَهِنُ (المُقْرِضُ) للرَّاهِنِ (المُسْتَقْرِضِ) أُجْرَةً تُسَاوِي أُجْرَةَ المِثْلِ لَا أَقَلَّ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَشْرُوطَاً في عَقْدِ الرَّهْنِ، حَتَّى لَا يَكُونَ عَقْدَانِ في عَقْدٍ وَاحِدٍ، عِنْدَ ذَلِكَ جَازَ وَصَحَّ العَقْدُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَقْدُ الرَّهْنِيَّةِ الذي يَجْرِي في هَذِهِ الأَيَّامِ بِدُونِ أَجْرِ المِثْلِ لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ نَفْعَاً، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعَاً فَهُوَ رِبَا. هذا، والله تعالى أعلم.

وَمُلَاحَظَةٌ يَجْدُرُ التَّنْبِيهُ إِلَيْهَا: بِأَنَّ المَالَ المَدْفُوعَ مِنَ الدَّائِنِ (المُرْتَهِنِ) للمَدِينِ (الرَّاهِنِ) زَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى الدَّائِنِ (المُرْتَهِنِ) لِأَنَّ المَالَ مَالُهُ، وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ عَلَى المَدِينِ (الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مُسْتَقْرِضٌ، فَإِذَا اشْتَرَطَ المُرْتَهِنُ (الدَّائِنُ) عَلَى الرَّاهِنِ (المَدِينِ) أَنْ يُؤَدِيَّ زَكَاةَ هَذَا المَالِ مِنْ حِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ تَبْرَأْ ذِمَّةُ صَاحِبِ المَالِ مِنَ الزَّكَاةِ، وَيُعَدُّ مِنَ الرِّبَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
49060 مشاهدة