أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

311 - مظاهر التكبر

02-05-2007 1012 مشاهدة
 السؤال :
نحن نعلم أن التكبر من الكبائر لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر). أخرجه مسلم. فلا يرخص في الكبر مهما كان قليلاً، وأنه مانع لدخول الجنة، فما هي مظاهر التكبر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 311
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالكِبْرُ هُوَ: العَظَمَةُ. وَذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

وَفِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَاً مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ». أخرجه أبو داود.

وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الكِبْرَ مِنَ الكَبَائِرِ، وَهُوَ صِفَةٌ نَفْسِيَّةٌ في الإِنْسَانِ، لَهُ مَظَاهِرُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، مِنْ هَذِهِ المَظَاهِرِ:

أولاً: تَصْعِيرُ الوَجْهِ، وَهُوَ مَيْلُ العُنُقِ، وَالإِشَاحَةُ بِالوَجْهِ عَنِ النَّظَرِ كِبْرَاً، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ المُتَكَبِّرِينَ، وَلِذَلِكَ نَهَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحَاً إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.

ثانياً: الاخْتِيَالُ في المَشْيِ، وَهُوَ يَعْنِي التَّبَخْتُرَ وَالتَّعَالِيَ في المِشْيَةِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحَاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولَاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهَاً﴾.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري.

ثالثاً: التَّرَفُّعُ عَنْ مُجَالَسَةِ مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْهُ، وَالتَّرَفُّعُ عَنْ زِيَارَتِهِ، وَعَنِ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَمُصَافَحَتِهِ.

رابعاً: أَنْ يَمْشِيَ وَيَمْشِيَ أَتْبَاعُهُ خَلْفَهُ، وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّكَبُّرَ.

خامساً: حُبُّهُ القِيَامَ لَهُ، وَالقِيَامُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أ ـ قِيَامُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامَاً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه الترمذي، وَهَذِهِ عَادَةُ الأَعَاجِمِ وَالمُتَكَبِّرِينَ.

ب ـ قِيَامٌ عِنْدَ مَجِيءِ الإِنْسَانِ، فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ لَا يَكَادُونَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ سَيِّدُنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ ـ أَيْ الصَّحَابَةُ ـ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ. أخرجه الترمذي.

وَقَدْ قَالَ العُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ القِيَامُ للوَالِدَيْنِ، وَالإِمَامِ العَادِلِ، وَفُضَلَاءِ النَّاسِ، وَقَدْ صَارَ هَذَا كَالشِّعَارِ بَيْنَ الأَفَاضِلِ، فَإِذَا تَرَكَهُ الإِنْسَانُ في حَقِّ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يُفْعَلَ في حَقِّهِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْسِبَهُ إلى الإِهَانَةِ وَالتَّقْصِيرِ في حَقِّهِ، فَيُوجِبُ ذَلِكَ حِقْدَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1012 مشاهدة
الملف المرفق