أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4119 - يحب غير زوجته من النساء الأجنبيات

30-07-2011 19905 مشاهدة
 السؤال :
أنا رجل متزوج، وقد أكرمني الله عز وجل بزوجة صالحة، غير أني مبتلى بمحبة امرأة من النساء، وقلبي يميل إليها، فهل علي من ذنب في ذلك، لأني لا أملك التصرف في قلبي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4119
 2011-07-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ). وقال بعض العلماء: حبُّ الحلال حلال، وحبُّ الحرام حرام، وقد قال مولانا عز وجل: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُون}.

فالواجب على المؤمن أن يحبَّ الطاعة وأهل الطاعة، وأن يكره المعصية، ومن المعاصي التي يجب على العبد أن يكرهها محبة النساء الأجنبيات، وخاصة المتزوِّجات، لأن في ذلك إفساداً لها في حياتها الزوجية، وهذا الإفساد جريمة كبرى تبرَّأ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من فاعلها بقوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ ـ أي أفسد ـ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا) رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

ثانياً: الحبُّ المحرم قد يدفع العاصي لارتكاب معاص أخرى، لأن المعصية تستدعي معصية أخرى، كما أن الطاعة تستدعي طاعة أخرى، فحبُّ المرأة الأجنبية قد يدفع العاصي إلى ما لا يحلُّ له شرعاً من النظر، واللمس، والخلوة، وقد يؤدي إلى ارتكاب جريمة الزنى والعياذ بالله تعالى.

ثالثاً: كلَّما قوي الإيمان في قلب العبد كلما عظم حبه للطاعات وأهل الطاعات، والعكس بالعكس، وقد يؤدي هذا الأمر إلى سلب الإيمان بالكليَّة لا قدَّر الله تعالى، يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

رابعاً: القصص في القرآن العظيم عبرةٌ لمن أراد الاعتبار، فهذا سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، في بيت عزيز مصر، حاولت زوجة العزيز أن تغريه بكلِّ الوسائل، وراودته صراحةً، ولكنَّ الإيمان الذي في قلب سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام كان أعظم من هذا الإغراء من زوجة لم تتورَّع عن خيانة زوجها، وكان أعظم من تهديدها له: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِين}. وقال سيدنا يوسف عليه السلام: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِين}.

وبناء على ذلك:

فأنت آثم في هذا الحبِّ للمرأة الأجنبية، وخاصة إذا كان هذا يدفعك لارتكاب بعض المعاصي معها، والأسوأ من ذلك أن تتخيَّل تلك المرأة أثناء معاشرتك لزوجتك.

فاحذر الاسترسال في هذا الجانب، والجم نفسك بلجام التقوى، وجاهد نفسك الأمارة بالسوء، واملأ فراغك بالعبادات والطاعات وتلاوة القرآن والذكر، والأعمال التي تعمر لك دينك ودنياك، وأكثر الدعاء لله عز وجل.

فإن عجزت عن مقاومة هذه العاطفة ـ لا قدَّر الله تعالى ـ فتقدَّم من خطبة هذه الفتاة وتزوَّجها، فإن كنت عاجزاً عن التعدُّد لسبب من الأسباب، فأكثر من الدعاء لله تعالى بصدق في أن يصرف قلبك عنها، لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها كيف يشاء.

وأما الاستدلال بالحديث الشريف: (اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ). فاستدلال في غير محله، لأن حبَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان لنسائه، وحاشاه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يميل قلبه لغير ما أحلَّ الله تعالى له، وإن حبَّك لغير زوجتك ومحارمك مما حرَّمه الله تعالى عليك، فاتق الله في أعراض الآخرين، وتصوَّر هذا الأمر لو كان من قبل رجل أجنبي لبعض محارمك ـ لا قدَّر الله ـ هل يرضيك هذا؟ هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
19905 مشاهدة