97-مع الصحابة وآل البيت : تربية سامية راقية

97-مع الصحابة وآل البيت : تربية سامية راقية

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

97ـ تربية سامية راقية

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الدُّعَاءِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَصَابَتْ عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَاقَةٌ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: لَوْ أَتَيْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتِيهِ، وَكَانَ عِنْدَ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَدَقَّتِ الْبَابَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ أَيْمَنَ: «إِنَّ هَذَا لَدَقُّ فَاطِمَةَ، وَلَقَدْ أَتَتْنَا فِي سَاعَةٍ مَا عَوَّدَتْنَا أَنْ تَأْتِيَنَا فِي مِثْلِهَا، فَقُومِي فَافْتَحِي لَهَا الْبَابَ».

قَالَتْ: فَفَتَحْتُ لَهَا الْبَابَ.

فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، لَقَدْ أَتَيْتِنَا فِي سَاعَةٍ مَا عَوَّدْتِنَا أَنْ تَأْتِينَا فِي مِثْلِهَا».

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ المَلَائِكَةُ طَعَامُهَا التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّمْجِيدُ، فَمَا طَعَامُنَا؟

قَالَ: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، مَا اقْتَبَسَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ نَارٌ مُنْذُ ثَلَاثِينَ يَوْمَاً، وَقَدْ أَتَانَا أَعْنُزٌ، فَإِنْ شِئْتِ أَمَرْتُ لَكِ بِخَمْسَةِ أَعْنُزٍ، وَإِنْ شِئْتِ عَلَّمْتُكَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ آنِفَاً».

قَالَتْ: بَلْ عَلِّمْنِي الْخَمْسَ كَلِمَاتٍ الَّتِي عَلَّمَكَهُنَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: «قُولِي: يَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ، يَا آخِرَ الْآخَرِينَ، ذَا الْقُوَّةِ المَتِينَ، وَيَا رَاحِمَ المَسَاكِينِ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».

قَالَ: فَانْصَرَفَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ فَقَالَتْ: ذَهَبْتُ مِنْ عِنْدِكِ إِلَى الدُّنْيَا وَأَتَيْتُكَ بِالْآخِرَةِ.

قَالَ: خَيْرَاً يَأْتِيكِ، خَيْرَاً يَأْتِيكِ.

تَرْبِيَةٌ سَامِيَةٌ رَاقِيَةٌ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّهَا تَرْبِيَةٌ سَامِيَةٌ رَاقِيَةٌ؛ كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى هَذِهِ التَّرْبِيَةِ لِنِسَائِنَا وَبَنَاتِنَا وَأَبْنَائِنَا؟ تَرْبِيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ وَللصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى قَوْلِهِ: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَعَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى هَذِهِ التَّرْبِيَةِ، أَنْ لَا نَنْظُرَ إلى أَهْلِ التَّرَفِ وَالبَذَخِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَنْ تَكُونَ قُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ بِالنَّكَدِ وَالتَّعَاسَةِ وَالشَّقَاءِ، أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾؟

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ»؟ رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

احْذَرْ أَنْ تُصِيبَكَ دَعْوَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَتَبَ اللهُ التَّعَاسَةَ وَالشَّقَاءَ وَحَيَاةَ الضَّنْكِ لِمَنْ بَحَثَ عَنِ السَّعَادَةِ عَنْ طَرِيقِ الدُّنْيَا بِكُلِّ صُوَرِهَا وَأَشْكَالِهَا، وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَاحْذَرْ أَنْ تُصِيبَكَ دَعْوَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ». كَيْفَ يُفْلِحُ العَبْدُ إِذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا عَلَيْهِ هَذَا الدُّعَاءَ؟

عَلَيْنَا بِالقَنَاعَةِ وَالزُّهْدِ في الدُّنْيَا:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَلَيْنَا بِالقَنَاعَةِ وَالزُّهْدِ في الدُّنْيَا، وَإِيَّانَا وَإِيَّاكُمْ وَالطَّمَعَ فِيهَا، فَإِنَّ الطَّمَعَ حُرُوفَهُ فَارِغَةٌ جَوْفَاءُ، لَقَدْ رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آلَ البَيْتِ وَالصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى الزُّهْدِ في الدُّنْيَا، وَالقَنَاعَةِ بِمَا رَزَقَهُمُ اللهُ تعالى.

روى أبو داود عَنِ ابْنِ أَعْبُدَ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي، وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ؟

قُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: إِنَّهَا جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَ فِي يَدِهَا، وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي نَحْرِهَا، وَكَنَسَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا.

فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَدَمٌ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِيهِ خَادِمَاً، فَأَتَتْهُ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثَاً فَرَجَعَتْ.

فَأَتَاهَا مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا كَانَ حَاجَتُكِ؟».

فَسَكَتَتْ، فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا، وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا، فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمَاً يَقِيهَا حَرَّ مَا هِيَ فِيهِ.

قَالَ: «اتَّقِي اللهَ يَا فَاطِمَةُ، وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ، وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ، فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحِي ثَلَاثَاً وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدِي ثَلَاثَاً وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرِي أَرْبَعَاً وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ».

قَالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ بَسْطَ الرِّزْقِ وَسَعَتَهُ لَيْسَ دَلِيلَاً قَاطِعَاً عَلَى حَظِّ مَنْ بُسِطَ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ دَلِيلَاً عَلَى كَرَامَتِهِ، وَلَيْسَ دَلِيلَاً عَلَى سَعَادَتِهِ وَمَحَبَّةِ اللهِ تعالى لَهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ وَعَدٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، يُحِقُّ بِهَا الْحَقَّ، وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ؛ أَيُّهَا النَّاسُ، كُونُوا أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا أَبْنَاءَ دُنْيَا، فَإِنَّ كُلَّ أُمٍّ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ اللهَ لَيُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ أَحَبِّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا مَنْ أَحَبِّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: المَالُ الذي يُعْطَى لِلْعَبْدِ بِدُونِ عَمَلٍ صَالِحٍ هُوَ فِتْنَةٌ لَهُ وَعَذَابٌ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ حَذَّرَ اللهُ تعالى المُؤْمِنِينَ مِنْ مَدِّ النَّظَرِ إلى أَهْلِ الدُّنْيَا إِعْجَابَاً، قَالَ تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: القَنَاعَةُ في الدُّنْيَا شَأْنُ العُقَلَاءِ، وَعِنْدَنَا مَا يَكْفِينَا، وَالبَعْضُ يَطْمَعُ بالذي يُطْغِيهِ، روى البيهقي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ابْنَ آدَمَ، عِنْدَكَ مَا يَكْفِيكَ، وَأَنْتَ تَطْلُبُ مَا يُطْغِيكَ؛ ابْنَ آدَمَ، لَا بِقَلِيلٍ تَقَنَعُ، وَلَا مِنْ كَثِيرٍ تَشْبَعُ؛ ابْنَ آدَمَ، إِذَا أَصْبَحْتَ مُعَافَىً فِي جَسَدِكَ، آمِنَاً فِي سِرْبِكَ، عِنْدَكَ قُوتُ يَوْمِكَ، فَعَلَى الدُّنْيَا الْعَفَاءُ».

وَقَدْ بَيَّنَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَنَا بِأَنَّ المُكْثِرِينَ مِنَ المَالِ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ بَذَلَهُ في عِبَادِ اللهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ وَأَمَامِهِ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ تعالى، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الأَكْثَرِينَ (مَالَاً في الدُّنْيَا) هُمُ الأَقَلُّونَ (ثَوَابَاً في الآخِرَةِ إِذَا لَمْ يُؤَدُّوا حُقُوقَ المَالِ الذي في أَيْدِيهِمْ) يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ـ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ـ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ طِيبَ الحَيَاةِ، وَالسَّعَادَةَ بَعْدَ المَمَاتِ، لَا تَكُونُ بِكَثْرَةِ الأَمْوَالِ، وَلَا بِأَعْرَاضِ الدُّنْيَا وَلَا بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الشَّهَوَاتِ، مَعَ الغَفْلَةِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ المُطَّلِعِ عَلَى الضَّمَائِرِ وَالنِّيَّاتِ.

إِنَّ طِيبَ الحَيَاةِ، وَالسَّعَادَةَ بَعْدَ المَمَاتِ، تَكُونُ بِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِمُتَابَعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ القَنَاعَةِ في الدُّنْيَا، وَالرِّضَا بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ، وَبِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيَّاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

لَقَدْ سَبَقَ الصَّحَابَةُ وَآلُ البَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كُلَّ بَرٍّ وَتَقِيٍّ، فَحَازُوا كُلَّ خَيْرٍ؛ لَقَدْ شَرَحَ اللهُ تعالى صُدُورَهُمْ، وَرَزَقَهُمُ القَنَاعَةَ، وَالإِقْبَالَ عَلَى اللهِ تعالى وَالدَّارَ الآخِرَةَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا كَذَلِكَ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 24/ جمادى الثانية /1438هـ، الموافق: 23/ آذار / 2017م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1380 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1380
13-02-2020 1916 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1916
23-01-2020 2548 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2548
16-01-2020 976 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 976
09-01-2020 1305 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1305
03-01-2020 1000 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1000

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412000453
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :