أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7844 - يمن على إخوته

01-02-2017 1180 مشاهدة
 السؤال :
صاحب معمل، يعمل الولد الكبير مع أبيه بأجرة ممتازة، وقد زَوَّجه والده وأسكنه بيتاً بدون مقابل؛ توفي الوالد، فإذا بالولد يَمُنُّ على إخوته، ويقول لهم: أنتم من لحم أكتافي، فما حكم الشرع في ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7844
 2017-02-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى حُكْمَ الصَّدَقَةِ التي يَتْبَعُهَا المَنُّ وَالأَذَى في قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدَاً لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾. كَمَا يَكْشِفُ المَطَرُ الغَزِيرُ عَنِ الحَجَرِ الأَمْلَسِ.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارَاً.

قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمَنَّانُ، وَالمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ».

وبناء على ذلك:

فَيَحْرُمُ على الوَلَدِ أَنْ يَمُنَّ على إِخْوَتِهِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ الخَاصِّ، وَالقَوْلُ المَعْرُوفُ وَالمَغْفِرَةُ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذَىً، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ تَكُنِ النَّفَقَةُ مِنْ حِسَابِهِ؟

وَمَا دَامَ الوَالِدُ هُوَ الذي كَانَ يَقُومُ بِالنَّفَقَةِ على أَوْلَادِهِ أَثْنَاءَ دِرَاسَتِهِمْ مِنْ مَالِهِ، وَالوَلَدُ الكَبِيرُ يَعْمَلُ عِنْدَ وَالِدِهِ بِأَجْرِ المِثْلِ وَزِيَادَةٍ، فَكَيْفَ يَمُنُّ الوَلَدُ على إِخْوَتِهِ؟

وَإِذَا كَانَ الوَلَدُ الكَبِيرُ يَظُنُّ نَفْسَهُ أَنَّهُ كَانَ مَغْبُونَاً عِنْدَ وَالِدِهِ، فَلِمَاذَا لَمْ يُـصَرِّحْ لِوَالِدِهِ أَنَّهُ مَغْبُونٌ؟

بَعْدَ أَنْ تَظَاهَرَ الوَلَدُ الكَبِيرُ أَمَامَ وَالِدِهِ بِأَنَّهُ الوَلَدُ البَارُّ حَتَّى انْتَهَى أَجَلُ وَالِدِهِ جَاءَ لِيُحْبِطَ عَمَلَهُ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى بِالمَنِّ وَالأَذَى على إِخْوَتِهِ ـ؟

فَعَلَى هَذَا الوَلَدِ الكَبِيرِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى مِنْ هَذَا المَنِّ الذي يُذْهِبُ أَجْرَ الإِحْسَانِ إِنْ وُجِدَ مِن عِنْدِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَادِقٍ حَتَّى في مَنِّهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1180 مشاهدة