أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2676 - وقف أرضاً بعيدة عن البلد لبناء مسجد

20-02-2010 20452 مشاهدة
 السؤال :
شخص وقف مساحة من الأرض لبناء مسجد عليها، وقام برفع جدرانه وبنى فيه غرفة مسقوفة من حوالي 20سنة، ووهب له مبلغاً معيناً، والمسجد منذ أسس بقي على الهيكل، ولم يصلِّ فيه أحد لأن منطقته نائية، فهل يجوز بناؤه بنفس المساحة على أرض بجانب الطريق من نفس المحضر؟ (أي استبدال الأرض البعيدة التي فيها المسجد بأرض تكون قريبة من الطريق العام حتى تمكن الصلاة فيه) علماً أن هذا الشخص متوفى مند زمن وأولاده هم القائمون على الموضوع؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2676
 2010-02-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن أكثر الفقهاء يتشدَّدون في موضوع استبدال أرض المسجد بغيرها إذا لم يعد للأرض الأولى فيها حاجة، فإذا أوقف رجل أرضاً لبناء مسجد عليها فقد صارت مسجداً منذ نشأتها وتخطيطها ورفع جدرانها، سواء صلى فيه الناس أم لم يصلوا، وذلك لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}، والمسجد وقف لله لا يبدل ولا يغير كسائر الأوقاف، للحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ثَمْغٌ، وَكَانَ نَخْلاً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالاً وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ وَلا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ تِلْكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَلا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ). وفي رواية عند الدارقطني: (لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، حَبِيسٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، جَعَلَ ذَلِكَ إِلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ، فَإِذَا مَاتَتْ فَإِلَى ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا).

فإذا كان هذا في سائر الأوقاف فالمسجد من باب أولى، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء.

أما عند الحنابلة فكذلك الأصل تحريم بيع المسجد إلا أن تتعطَّل منافعه بخراب أو غيره، فيباع ويصرف ثمنه في مثله، ويجوز بيعه إذا خربت محلَّته.

وبناء على ذلك:

فعند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية لا يجوز استبداله بأرض أخرى، فهو مسجد ما دامت السماوات والأرض، وعند الحنابلة يجوز استبداله بمثله ما دام بعيداً عن أهل القرية أو عن الطريق العام، ولا يصلى فيه أبداً.

وعلى كل حال: إذا كنت ترى بأن امتداد القرية نحون يكون قريباً بحيث يكون مسجداً لهم فلا يجوز استبداله، أما إذا كان الغالب على الظن بأن امتداد القرية نحو المسجد أمده بعيد، فلا حرج في استبدال الأرض بمثلها، وتُحوَّل أنقاض المسجد الأول إلى الثاني. وصدق الله القائل: {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20452 مشاهدة