أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5972 - استجابة دعاء العاصي

02-11-2013 6775 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأنَّ الله تعالى قد يستجيب دعاء العاصي؟ فإن كان الجواب: نعم، فكيف نوفق بين هذا، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5972
 2013-11-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقَد جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّباً، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. 

وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾.

قَالَ: وَذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ».

واللهُ تعالى يقول: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون﴾.

فالأصلُ في استِجَابَةِ الدُّعاءِ، هَذا، ولكِن قَد يَستَجِيبُ اللهُ تَعالى دُعَاءَ العَاصِي رَحمَةً منهُ تعالى بِهِ، لَعَلَّهُ يَتُوبُ ويَرجِعُ ويَستَغفرُ ويَصطَلِحُ مَعَ الله تعالى، وقَد ثَبَتَ هذا في نَصِّ القُرآنِ العَظِيمِ، قال تعالى في حَقِّ مَن دَعاهُ دُعاءَ العَبدِ المُضطَرِّ: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً﴾.

وقَد يَستَجِيبُ اللهُ تعالى للعَبدِ استِدرَاجَاً لهُ والعِياذُ بالله تعالى، قال تعالى مُخبِراً عن دُعاءِ الشَّيطانِ: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِين﴾.

وبناء على ذلك:

فالأَصلُ في استِجَابَةِ الدُّعاءِ أن يَكُونَ العَبدُ مُستَجِيبَاً لأمرِ الله تعالى حتَّى يَستَجِيبَ اللهُ دُعاءَهُ، وهذا لا يَعنِي أنَّ اللهَ تعالى لا يَستَجِيبُ الدُّعاءَ إلا مِنَ العَبدِ المَعصُومِ، لأنَّهُ لا عِصمَةَ لِأَحَدٍ، فاللهُ تعالى يَستَجِيبُ دُعاءَ العبدِ العَاصِي إذا تَابَ وحَقَّقَ شُرُوطَ التَّوبَةِ، وفِي ذلِكَ دَلِيلٌ على صِدقِ توبَتِهِ وصَلَاحِهِ وتَقوَاهُ.

وقد يَستَجِيبُ اللهُ تعالى دُعاءَ العبدِ العَاصِي مَعَ إصرَارِهِ على المَعصِيَةِ والعِياذُ بالله تعالى لِحِكمَةٍ لا يَعلَمُهَا إلا هوَ، أو لِاستِدرَاجِهِ والعِيَاذُ بالله تعالى، ورَحِمَ اللهُ تعالى ابنَ عَطَاء الله السَّكَندَرِيِّ الذي كان يَقولُ: خَفْ مِن وُجُودِ إِحسَانِهِ إِليكَ، وَدَوَامِ إِسَاءَتِكَ مَعَهُ، أَن يَكُونَ ذَلِكَ استِدرَاجاً لَكَ ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
6775 مشاهدة
الملف المرفق