أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

3634 - حكم صيام النافلة قبل القضاء

08-01-2011 3 مشاهدة
 السؤال :
امْرَأَةٌ أَفْطَرَتْ في شَهْرِ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَفِي شَهْرِ شَوَّالٍ صَامَتْ سِتًّا مِنْهُ، وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا في شَوَّالٍ وَأَدْرَكَهَا المَوْتُ، فَهَلْ تُعْتَبَرُ آثِمَةً بِتَرْكِهَا القَضَاءَ، حَيْثُ قَدَّمَتِ النَّافِلَةَ عَلَى الوَاجِبِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3634
 2011-01-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ المُؤْمِنَ حَرِيصٌ عَلَى ذِمَّتِهِ مِنَ الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ قَبْلَ قِيَامِهِ بِالنَّافِلَةِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ تعالى قَالَ: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عبْدِي بِشْيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ».

فَالتَّقَرُّبُ إلى اللهِ تعالى أَوَّلًا بِالفَرِيضَةِ، فَإِنْ فَاتَتْ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَالإِسْرَاعُ في قَضَائِهَا أَوْلَى مِنَ التَّأْخِيرِ، وَمِنَ المَعْلُومِ بِأَنَّ القَضَاءَ لَا يَجِبُ عَلَى الفَوْرِ بَلْ عَلَى التِّرَاخِي.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذِهِ المَرْأَةُ التي صَامَتْ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ نَافِلَةً قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ لَيْسَتْ آثِمَةً إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهَا يَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَاوِيَةً وَعَازِمَةً عَلَى قَضَاءِ مَا أَفْطَرَتْهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، إِلَّا أَنَّ المَنِيَّةَ اخْتَطَفَتْهَا بَغْتَةً.

فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ المَرْأَةُ نَوَتْ في صِيَامِهَا الجَمْعَ بَيْنَ القَضَاءِ وَالنَّافِلَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهَا، لِأَنَّ النِّيَّةَ صَحَّتْ عَنِ القَضَاءِ، وَإِنْ نَوَتْ صِيَامَ نَافِلَةٍ صَحَّ صَوْمُ النَّافِلَةِ، وَبَقِيَتْ ذِمَّتُهَا مَشْغُولَةً بِالقَضَاءِ، وَلَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهَا إِلَّا الدُّعَاءَ لَهَا بِالمَغْفِرَةِ، إِلَّا إِذَا أَوْصَتْ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهَا كَفَّارَةَ فِطْرِهَا فَيَتَصَدَّقُوا عَنْهَا بِمِقْدَارِ الفِدْيَةِ ـ وَهِيَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ ـ وَإِنْ لَمْ تُوصِ، فَلَهُمْ أَنْ يَتَبَرَّعُوا اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا.

هَذَا مَذْهَبُ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ يُخْرِجُونَ مِنْ تَرِكَتِهَا إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ وَإِنْ لَمْ تُوصِ، هَذَا إِنْ تَرَكَتْ مَالًا، وَإِلَّا فَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

وَأَنَا أُوصِي الأَخَوَاتِ خَاصَّةً التَّعَجُّلَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، لِأَنَّ الإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَتَى يَنْتَهِي أَجَلُهُ، وَتَبْرِئَةُ الذِّمَّةِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3 مشاهدة