أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7291 - ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾

25-04-2016 3006 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7291
 2016-04-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾. أَي: اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَثَلَاثَاً ثَلَاثَاً، وَأَرْبَعَاً أَرْبَعَاً (وَمَعنَاهُ أَنَّ لِكُلِّ مُؤمِنٍ الحَقَّ فِي الاختِيَارِ إِن شَاءَ اثنَتَيْنِ أَو ثَلاثاً أَو أَربَعَاً).

فَالآيَةُ الكَرِيمَةُ دَلَّتْ على أَحْكَامٍ ثَلَاثَةٍ:

1ـ إِبَاحَةُ النِّكَاحِ.

2ـ تَحْدِيدُ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ بِأَرْبَعٍ كَحَدٍّ أَقْصَى.

3ـ وُجُوبُ الاكْتِفَاءِ بِوَاحِدَةٍ عِنْدَ خَوْفِ الجَوْرِ.

وَنَصَّ الفُقَهَاءُ على أَنَّهُ يَحْرُمُ على الرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ في عِصْمَتِهِ، فَلَا يَتَزَوَّجُ بِخَامِسَةٍ مَا دَامَتْ في عِصْمَتِهِ أَرْبَعٌ سِوَاهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِغَيْلَانِ بْنِ سَلَمَةَ حِينَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: «أَمْسِكْ أَرْبَعَاً، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رواه ابن حِبَّانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَقَالَ لِنَوْفَلَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَمَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ خَمْسُ نِسْوَةٍ: «فَارِقْ وَاحِدَةً وَأَمْسِكْ أَرْبَعَاً، فَعَمِدْتُ إِلَى إِحْدَاهُنَّ عِنْدِي عَاقِرٍ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً فَفَارَقْتُهَا» رواه البيهقي عَنْ نَوْفَلَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. هُوَ تَحْدِيدُ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ بِأَرْبَعٍ كَأَقْصَى حَدٍّ، وَلَيْسَ كَمَا يَتَوَهَّمُ البَعْضُ بِأَنَّهُ يُبَاحُ للرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِتِسْعَةِ نِسْوَةٍ، حَيْثُ يُجْمَعُ بَيْنَ الاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، فَيَكُونُ المَجْمُوعُ تِسْعَةً.

وَاللهُ تعالى خَاطَبَ العَرَبَ بِأَفْصَحِ اللُّغَاتِ، فَالوَاوُ هُنَا هِيَ بَدَلٌ، يَعْنِي: انْكِحُوا ثَلَاثَاً بَدَلَاً مِنْ مَثْنَىً، وَرُبَاعَ بَدَلَاً مِنْ ثَلَاثٍ، وَلِذَلِكَ عُطِفَ بِالوَاوِ، وَلَمْ يُعْطَفْ بِأَو.

وَقَد أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ على أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ التي لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الأُمَّةِ، وَالحِكْمَةُ بِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمَرْ بِأَنْ يُطَلِّقَ مَا زَادَ على الأَرْبَعَةِ، حَتَّى لَا يَقَعَ الظُّلْمُ على المُطَلَّقَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا، لِأَنَّهَا أُمُّ المُؤْمِنِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3006 مشاهدة