أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4175 - هل يؤخذ البريء بسبب معصية غيره؟

20-08-2011 16286 مشاهدة
 السؤال :
ربُّنا عز وجل عادل، ولا شكَّ في ذلك، ولكن أريد أن أعلم هل يؤخذ البريء بسبب معصية غيره؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4175
 2011-08-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يقول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة}، ويقول جلَّ وعلا: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ويقول: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين}. هذه الآيات تتحدَّث عن مصير العباد يوم القيامة.

ثانياً: يقول الله تبارك وتعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون}، ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، هذا في عالم الدنيا، وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) رواه البخاري.

وبناء على ذلك:

فالبريء لا يؤخذ بسبب معصية غيره في الآخرة، أما في الدنيا فقد يؤخذ الصالح بالطالح إذا كان الصالح لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، كما جاء في الحديث: (أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: إن فيه عبدك فلاناً لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم، فإنَّ وجهه لم يتمعَّر لي ساعة قط) رواه الطبراني في الأوسط.

وأما إذا كان العبد الصالح البريء يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ومع ذلك شاعت المعاصي والمنكرات والمخالفات الشرعية ـ والعياذ بالله تعالى ـ وجاء عقاب عامٌّ من الله تعالى، فإنه يشمل الجميع في الدنيا، ويوم القيامة يبعث كلٌّ على نيَّته.

والحقيقة ـ والله تعالى أعلم ـ لا يعمُّ الله تعالى بالعقاب الجميع إذا كان فيهم المصلحون، وذلك لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون}.

لذلك قال العلماء: يجب على العبد أن يكون صالحاً مصلحاً، وأن لا يقتصر على صلاح نفسه فقط، لأن الله تعالى أوجب على الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}. وبقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه مسلم.

اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وارزقنا الاستقامة. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16286 مشاهدة