97ـ نحو أسرة مسلمة: الترهيب من ترك صلاة الفريضة في جماعة

97ـ نحو أسرة مسلمة: الترهيب من ترك صلاة الفريضة في جماعة

 

خلاصة الدرس الماضي:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام:

عرفنا في الدرس الماضي أهمية الصلاة، وخاصة الصلاة في جماعة، وأفضل الجماعة ما كانت في المسجد. وقلنا بأن صلاة الجماعة سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب، ومن منا ليس بحاجة إلى مغفرة ذنوبه؟ وهي سبب عظيم من أسباب رفع الدرجات في الآخرة، وكلما رفعت درجة العبد في الجنة كلما كان أقرب من مجالس سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ومن منا لا يطمع بالقُرب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟

وإن كان أهل الدنيا يطمعون في القرب من زيد أو عمرو من أهل الدنيا، ويبذلون في سبيل ذلك النفيس والخسيس، فأهل الطاعة أولى منهم في أن يبذلوا كلَّ شيء في سبيل القرب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشتَّان ما بين قُرب وقُرب، القرب من أهل الدنيا هو قرب في دار الفناء، ويعقبه حسرة وندامة في غالب الأمر، أما القرب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ وخاصة في دار البقاء ـ فشرف ما بعده شرف، وعِز ما بعده عِز، نسأل الله تعالى أن لا يحرمنا منه، ومن الأسباب الموجبة لهذا القرب المحافظة على صلاة الفريضة في جماعة.

وصلاة الفريضة في جماعة سبب للبراءة من النفاق والنار، ومن منا يستغني عن هاتين البراءتين؟

وقلنا أخيراً: صلاة الفريضة في جماعة لا يعلم أجرها في الحقيقة إلا الله تعالى.

خامساً: الصلاة تطفئ نيران المعاصي وخاصة في جماعة:

أيها الإخوة الكرام: ونتابع الحديث عن صلاة الفريضة في جماعة وعن ثمارها، من ثمار صلاة الفريضة في جماعة وخاصة في المسجد، أنها تطفئ نيران المعاصي، وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إن لله ملكاً ينادي عند كل صلاة: يا بني آدم ، قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم، فأطفئوها بالصلاة) رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنهما.

رحمةٌ عظيمة من ربنا عز وجل، حيث علم ضعفنا وكثرة خطايانا فجعل لنا تلك الصلاة تطهيراً لنا من دنسها، فعند كل صلاة ينادي الملك ذاك النداء، فالمحروم من لم يستجب ويبقى ملطخاً بذنوبه، والسعيد من أسرع للاستجابة وصلى الصلاة بوقتها ليطفئ نيران المعاصي التي أوقدها على نفسه.

ومن هنا نعلم بأن ضرر المعصية يعود على العاصي، وإن كان في ظاهر الأمر ضرر المعصية يقع على الآخرين، وذلك لقوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}.

فالصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما من الذنوب، ما عدا الكبائر وحقوق العباد، يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يُبْعَثُ مُنَادٍ عِنْدَ حَضْرَةِ كُلِّ صَلاةٍ، فَيَقُولُ: يَا بني آدَمَ، قُومُوا فَأَطْفِئُوا عَنْكُمْ مَا أَوْقَدْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَيَقُومُونَ فَيَتَطَهَّرُونَ وَتَسْقُطُ خَطَايَاهُمْ مِنْ أَعْيُنِهِمْ، وَيُصَلُّونَ فَيُغْفَرُ لَهُمْ مَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يُوقِدُونَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ صَلاةِ الأُولَى نَادَى: يَا بني آدَمَ، قُومُوا فَأَطْفِئُوا مَا أَوْقَدْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَيَقُومُونَ فَيَتَطَهَّرُونَ وَيُصَلُّونَ فَيُغْفَرُ لَهُمْ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الْعَصْرُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَضَرَتِ الْمَغْرِبُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَضَرَتِ الْعَتَمَةُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَيَنَامُونَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:فَمُدْلِجٌ فِي خَيْرٍ، وَمُدْلِجٌ فِي شَرٍّ) رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

فمن هؤلاء العباد من سار وقضى ليله في خير، ومنهم من قضاه في شر والعياذ بالله تعالى.

سادساً: الصلاة تُصلح العمل كلَّه، وخاصة في جماعة:

أيها الإخوة الكرام: من ثمار الصلاة في جماعة أنها تُصلح العمل، فمن أقام الصلاة بحيث جمع بين شبحها وروحها فقد أصلح سائر عمله، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون}. وإذا انتهى العبد عن الفحشاء والمنكر فلا شكَّ صلُح عمله، وفَعَلَ الطاعات.

أما العبد الذي يؤدي الصلاة أداءً بدون خشوعٍ فيها، فإن صلاته لا تُصلح له عمله، وسوف يندم لا قدَّر الله تعالى يوم القيامة.

روى الترمذي عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ رضي الله عنه قَالَ: (قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا).

من منا يدعو بهذا الدعاء كلما دخل بلدة، أو أراد أن يجالس ويصادق ويخالل أحداً من الناس؟ والله إن مجالسة العبد الصالح عزٌ للعبد في الدنيا وعزٌ له في الآخرة، وما نال أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما نالوه إلا بشرف الصحبة.

فكن يا أخي الكريم، ويا أختي الكريمة، حريصاً على الصحبة الصالحة والجليس الصالح الذي يذكرك بالله إذا رأيته، ويزيد في علمك إذا تكلم معك، ويذكرك في الآخرة عمله.

وليحذر كل واحد منا جليس السوء، لأنه يزيِّن لجليسه المعصية، عندما يجالس العبد أَكَلة الربا قد يصبح مرابياً، عندما يجالس أهل الفسق والفجور قد يصبح فاسقاً فاجراً، وكذلك المرأة إذا جالست الصالحات صارت صالحة، وإن جالست السافرات الكاسيات العاريات قد تصبح مثلهنَّ لا قدَّر الله تعالى.

فسيدنا حُرَيْثِ قال: (اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، قَالَ: فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ).

ليكن الواحد منا حريصاً على جليسه، وحريصاً على سماع الخير منه لينتفع بإذن الله في الدنيا والآخرة، ليجعلْ كلُّ واحد منا مجلسه مع أصحابه وأصدقائه مجلس علم، وتبليغ عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فقال سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ).

لننظر إلى جوارحنا وخاصة السمع، هل لنا الشرف في سماع آيات الله تعالى وأحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أم لا قدَّر الله سماعنا لما يسخط ربنا عز وجل؟

فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يبيِّن لنا في هذا الحديث الشريف، بأن أولَ ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه، لأنها عنوان لسائر أعماله، فمن صلحت صلاته صلح سائر عمله، ومن فسدت صلاته فسد سائر عمله والعياذ بالله تعالى.

وتجدر الإشارة في هذا الحديث الشريف، بأن العبد يُحصى عليه ما عمل من أعمال صالحة وذلك من أجل حقوق العباد إذا كان متعدياً عليها، لذلك يحاسب العبد عن صلاته وصيامه وزكاته وحجه وعمرته إلى آخر الأعمال الصالحة، ثم بعد ذلك يحاسب عن حقوق العباد، وكم هي الحسرة على العبد عندما يرى أعماله الصالحة قد تحوَّلت لغيره ممن أذاهم، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).

وهذا أمر طبيعي أن يُحصى للعبد ما له ثم ينظر ماذا عليه، وهذا ما نراه في حياتنا الدنيا، عندما ترفع قضية على عبد، فأول ما يُقام على هذا العبد يُحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ثم يُقدَّم للمحاكمة، ولله المثل الأعلى.

أيها الإخوة الكرام: لا شكَّ أن من أقام الصلاة حقَّ القيام، وصلى كما صلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فإن أعماله تكون كلها صالحة، وخاصةً إذا كان يؤدي تلك الصلوات في المسجد، وكيف لا تصلح سائر أعماله، وهو يكرر مرَّات ومرَّات، قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين}.

أيها الإخوة الكرام: من حرص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم علينا رغَّبنا في شهود صلاة الفريضة في جماعة وبيَّن لنا ثمارها، وبالمقابل حذَّرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أشدَّ التحذير من التهاون بها وعدم شهودها.

أولاً: صلاة المنفرد صلاةٌ ناقصة:

أيها الإخوة الكرام: بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ضرورة شهود صلاة الجماعة وخاصة في المسجد، وحذَّر من فواتها إلا لصاحب عذر، فقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ) رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه. يعني لا صلاة كاملة.

وروى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ ـ قَالُوا: وَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ ـ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّى).

ثانياً: يستحوذ الشيطان على المنفرد:

كلُّنا يعلم بأن الشيطان عدوٌّ مبين للإنسان، فإذا انفرد الإنسان في صلاة الفريضة فقد يستحوذ عليه الشيطان، كما جاء في سنن أبي داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلا بَدْوٍ لا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلاةُ إِلا قَدْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ).

ثالثاً: ترك الجماعة من النفاق:

وقد بيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأنَّ تركَ الصلاة في جماعة من صفات المنافق، ومن الجفاء ونكران نعمة الله عز وجل على عبده، جاء في مسند الإمام أحمد عن سَهْلٌ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (الْجَفَاءُ كُلُّ الْجَفَاءِ وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ مَنْ سَمِعَ مُنَادِيَ اللَّهِ يُنَادِي بِالصَّلاةِ يَدْعُو إِلَى الفَلاحِ وَلا يُجِيبُهُ).

رابعاً: هَمَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بتحريق بيوتهم:

لقد توعَّد وهدَّد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المتخلفين عن صلاة الجماعة بغير عذر أن يحرِّق عليهم بيوتهم، جاء في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ).

خامساً: لم يرخص للأعمى بترك صلاة الجماعة:

أيها الإخوة الكرام: من شكر الله تعالى على نعمة البصر شهود صلاة الجماعة، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما رخَّص بترك صلاة الجماعة لمن كان أعمى.

جاء في مسند الإمام أحمد عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَأَى فِي الْقَوْمِ رِقَّةً فَقَالَ: إِنِّي لأَهُمُّ أَنْ أَجْعَلَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ،ثُمَّ أَخْرُجُ فَلا أَقْدِرُ عَلَى إِنْسَانٍ يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّلاةِ فِي بَيْتِهِ إِلا أَحْرَقْتُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ نَخْلاً وَشَجَرًا، وَلا أَقْدِرُ عَلَى قَائِدٍ كُلَّ سَاعَةٍ، أَيَسَعُنِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟ قَالَ: أَتَسْمَعُ الإِقَامَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأْتِهَا).

نعم، سيدنا عبد الله بن أم مكتوم مؤذن وخادم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يشهد الجماعة ولا يتخلف عنها إلا عند فقد القائد الذي يقوده إلى المسجد، مع العلم بأن طريقه للمسجد فيه نخلٌ وأشجار، وهو فاقدٌ البصر، ومع كلِّ هذا لم يرخِّص له سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بترك الجماعة ما دام يسمع النداء.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: تعالوا لنعاهد الله عز وجل على المحافظة على الصلاة في جماعة وأن تكون في المسجد، طامعين بالأجر والثواب من الله تعالى، ولعل الحديث له صلة في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2010-11-03
 38234
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 

التعليقات [ 1 ]

محمد
 2010-11-13

أسألك أن ترزقنا وترزق أولادنا وأولاد أولادنا وذريتنا وذرية ذريتنا حب المساجد.

 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4034 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4034
21-01-2018 4866 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4866
14-01-2018 3481 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3481
08-01-2018 4073 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4073
31-12-2017 4083 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4083
24-12-2017 3860 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3860

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411926747
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :