1ـ وجوب التعرف إلى الحبيب   

1ـ وجوب التعرف إلى الحبيب   

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

1ـ وجوب التعرف إلى الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَقَدْ جَمَعْتُ في هَذَا الكِتَابِ فُصُولَاً مُوجَزَةً تُعَبِّرُ عَنْ بَعْضِ الشَّمَائِلِ المُحَمَّدِيَّةِ، عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَتَحْكِي بَعْضَ جَوَانِبِ أَخْلَاقِهِ العَلِيَّةِ، وَسِيرَتِهِ السُّنِّيَّةِ، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُ العَاقِلَ، وَتُنَبِّهُ الغَافِلَ، وَتُعَلِّمُ الجَاهِلَ.

وَإِنَّهُ لَيَتَحَتَّمُ الأَمْرُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ مُكَلَّفٍ أَنْ يَتَعَرَّفَ إلى أَوْصَافِ هَذَا الرَّسُولِ العَظِيمِ وَالنَّبِيِّ الكَرِيمِ، لِيَسِيرَ بِنُورِ سِيرَتِهِ، وَلِيَتَأَسَّى بِكَمَالِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَإِذَا كَانَتِ العُقَلَاءُ تَطْمَحُ إلى مَعْرِفَةِ عُظَمَاءِ العَالَمِ وَكُبَرَائِهِ، فَإِنَّ أَحَقَّ مَا يَجِبُ أَنْ تَطْمَحَ إِلَيْهِ وَتَطْمَعَ فِيهِ هُوَ التَّعَرُّفُ إلى سَيِّدِ السَّادَاتِ، وَفَخْرِ الكَائِنَاتِ، الذي رَفَعَهُ اللهُ تعالى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَرَقَّاهُ فَوْقَ جَمِيعِ أَهْلِ المَرَاتِبِ وَالمَقَامَاتِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنَّ أَحَدَاً مِنَ النَّاسِ مَهْمَا عَلَا فَضْلُهُ، وَاتَّسَعَ عِلْمُهُ، وَكَمُلَ عَقْلُهُ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحِيطَ بِمَحَاسِنِ هَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ، وَلَا أَنْ يَسْتَقْصِيَ أَنْوَاعَ كَمَالِهِ، وَأَلْوَانَ جَمَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَلْ كُلُّهُمْ عَاجِزٌ عَنِ التَّعْبِيرِ عَنْ تِلْكَ المَعَانِي المُحَمَّدِيَّةِ، وَالصِّفَاتِ المُصْطَفَوِيَّةِ:

وَإِنَّ قَمِيصَاً خِيطَ مِنْ نَسْجِ تِسْعَةٍ   ***   وَعِشْرِينَ حَرْفَاً عَنْ مَعَانِيهِ قَاصِرُ

وُجُوبُ التَّعَرُّفِ إلى جَنَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَوُجُوبُ الاطِّلَاعِ عَلَى شَمَائِلِهِ الشَّرِيفَةِ، وَسَجَايَاهُ اللَّطِيفَةِ:

قَالَ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾.

إِنَّ حَقَّاً عَلَى جَمِيعِ العُقَلَاءِ المُكَلَّفِينَ أَنْ يَتَعَرَّفُوا إلى هَذَا الرَّسُولِ الكَرِيمِ وَشَمَائِلِهِ الحَمِيدَةِ وَخَصَائِلِهِ المَجِيدَةِ، وَذَلِكَ لِوُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

الوَجْهُ الأَوَّلُ: أَنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ العِبَادَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الرَّسُولِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ﴿فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

وَالإِيمَانُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَطَلَّبُ مِنَ العِبَادِ أَنْ يَعْرِفُوا فَضْلَ هَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ، وَرِفْعَةَ مُسْتَوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَا أَسْبَغَ اللهُ تعالى عَلَيْهِ مِنَ الكَمَالَاتِ النَّفْسِيَّةِ، وَمَا أَدَّبَهُ مِنَ الآدَابِ الكَرِيمَةِ الرَّضِيَّةِ، وَمَا وَهَبَهُ مِنَ الخُلُقِ العَظِيمِ وَالخَلْقِ الحَسَنِ الكَرِيمِ، وَمَا أَبْدَعَ فِيهِ سُبْحَانَهُ مِنَ المَحَاسِنِ، وَجَمَعَ فِيهِ مَجَامِعَ الكَمَالَاتِ، فَجَعَلَ جَوْهَرَهُ الكَرِيمَ عَالِيَاً عَلَى سَائِرِ الأَفْرَادِ وَالأَجْنَاسِ، بِحَيْثُ لَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ.

وَكَيْفَ يُقَاسُ بِغَيْرِهِ؟ وَقَدْ مَيَّزَهُ اللهُ تعالى بِمُمَيِّزَاتِ الكَمَالِ، وَخَصَّهُ بِأَكْرَمِ الخِصَالِ، وَأَعْلَاهُ ذُرْوَةَ الخُلُقِ العَظِيمِ، وَجَمَّلَهُ في أَحْسَنِ صُورَةٍ وَأَبْدَعِ تَقْوِيمٍ، وَخَصَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْوَاعِ الاخْتِصَاصِ: فَرَبَّاهُ بِعِنَايَتِهِ، وَرَعَاهُ بِرِعَايَتِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمَاً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالَّاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلَاً فَأَغْنَى﴾.

وَتَوَلَّى سُبْحَانَهُ إِقْرَاءَهُ وَتَعْلِيمَهُ، في حِينِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَشَأَ أُمِّيَّاً، فَقَالَ لَهُ سُبْحَانَهُ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾. أَيْ: لَا بِدِرَاسَتِكَ وَلَا بِثَقَافَتِكَ، وَقَالَ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾. وَقَالَ: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمَاً﴾.

وَإِنَّ مَقَامَ: ﴿يُوحَى إِلَيَّ﴾. المَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾. يَلْفِتُ الأَنْظَارَ إلى مَوْضِعِ الاعْتِبَارِ، فِي شَأْنِ هَذَا الرَّسُولِ المُخْتَارِ، وَيُشِيرُ إلى خَصَائِصِ هَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ، الذي هَيَّأَهُ اللهُ تعالى وَأَهَّلَهُ، وَأَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ في رُوحِهِ وَجِسْمِهِ، وَعَقْلِهِ وَفَهْمِهِ، وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَسَائِرِ مَدَارِكِهِ وَجَوَارِحِهِ، وَجَوَانِحِهِ، وَأَعْطَاهُ قَابِلِيَّةَ الاخْتِصَاصَ لِأَنْ يَتَلَقَّى الوَحْيَ بِجَمِيعِ طُرُقِ الوَحْيِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَمِنْ ثَمَّ لِمَا وَاصَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصِّيَامَ، وَاصَلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ مَعَهُ، فَنَهَاهُمْ عَنِ الوِصَالِ، فَقَالُوا: نَرَاكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَقَالَ: «إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ ـ وفي رِوَايَةٍ: إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ ـ أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ لَا كَالبَشَرِ، كَمَا أَنَّ اليَاقُوتَ حَجَرٌ لَا كَالحَجَرِ.

الوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ العِبَادَ بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الدَّلِيلَ الصَّادِقَ عَلَى مَحَبَّتِهِ هُوَ اتِّبَاعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾. أَيْ: إلى مَا فِيهِ سَعَادَتُكُمْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

وَهَذَا يَتَطَلَّبُ البَحْثَ عَنْ أَعْمَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، وَيَتَطَلَّبُ التَّعَرُّفَ إلى سَجَايَاهُ الكَرِيمَةِ وَأَخْلَاقِهِ العَظِيمَةِ، لِيُتَأَسَّى بِهِ، وَلِيُتَّبَعَ في ذَلِكَ اتِّبَاعَاً كَامِلَاً شَامِلَاً، إِلَّا فِيمَا خَصَّهُ اللهُ تعالى بِهِ مِنَ الأَحْكَامِ وَالأَحْوَالِ.

وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْرِصُونَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى تَتَبُّعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَحْوَالِهِ وَآدَابِهِ وَأَخْلَاقِهِ، لِيَتَّبِعُوهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ كَانُوا يَحْرِصُونَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى تَتَبُّعِ عَادَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ عَادَاتِ السَّادَاتِ هِيَ سَادَاتُ العَادَاتِ، فَكَيْفَ بِعَادَاتِ سَيِّدِ السَّادَاتِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَالتَّسْلِيمَاتِ؟!.

قَالَ العَلَّامَةُ السُّنُوسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في شَرْحِ مُقَدِّمَتِهِ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ دِينِ  الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ضَرُورَةُ اتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا نَظَرٍ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلُ اخْتِصَاصِهِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ لَمَّا خَلَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَعْلَهُ، وَنَزَعُوا خَوَاتِيمَهُمُ الذَّهَبِيَّةَ لَمَّا نَزَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ الذَّهَبِ، وَحَسَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي قِصَّةِ جُلُوسِهِمَا عَلَى البِئْرِ كَمَا فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَادَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً مِنْ شِدَّةِ الازْدِحَامِ عَلَى الحَلَّاقِ عِنْدَمَا رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ الشَّرِيفَ؛ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي قَضِيَّةِ الحُدَيْبِيَةِ ـ وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَبْحَثُونَ البَحْثَ العَظِيمَ عَنْ هَيْئَاتِ جُلُوسِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَنَوْمِهِ، وَكَيْفِيَّةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ لِيَقْتَدُوا بِهِ. اهـ .

بَلْ كَانُوا يُحِبُّونَ مَا يُحِبُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّعَامِ وَيَكْرَهُونَ مَا يَكْرَهُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا جَانِبَاً مِنْ جَوَانِبِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَآدَابِهِ وَأَعْمَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَذْكَارِهِ وَعِبَادَاتِهِ، لِيُقْتَدَىَ بِهِ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ اللهَ تعالى أَوْجَبَ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَنْ يُحِبُّوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ مَحَبَّةِ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ، وَالأَزْوَاجِ وَالعَشِيرَةِ، وَالتِّجَارَةِ وَالأَمْوَالِ، وَأَوْعَدَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ تَحْقِيقِ ذَلِكَ بِالعِقَابِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ أَسْبَابَ المَحَبَّةِ تَرْجِعُ إلى أَنْوَاعِ الجَمَالِ وَالكَمَالِ وَالنَّوَالِ، كَمَا قَرَّرَهُ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ.

فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يُحَبُّ لِكَرَمِهِ، أَو لِشَجَاعَتِهِ، أَو لِحِلْمِهِ، أَو لِعِلْمِهِ، أَو لِتَوَاضُعِهِ، أَو لِتَعَبُّدِهِ وَتَقْوَاهُ، أَو لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، أَو لِكَمَالِ عَقْلِهِ، أَو وُفُورِ فَهْمِهِ، أَو جَمَالِ أَدَبِهِ، أَو حُسْنِ خُلُقِهِ، أَو فَصَاحَةِ لِسَانِهِ، أَو حُسْنِ مُعَاشَرَتِهِ، أَو كَثْرَةِ بِرِّهِ وَخَيْرِهِ، أَو لِشَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، أَو نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ ... فَكَيْفَ إِذَا تَأَصَّلَتْ وَاجْتَمَعَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ الكَامِلَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ، في رَجُلٍ وَاحٍدٍ، وَتَحَقَّقَتْ فِيهِ أَوْصَافُ الكَمَالِ وَمَحَاسِنُ الجَمَالِ عَلَى أَكْمَلِ وُجُوهِهَا، أَلَا وَهُوَ السَّيِّدُ الأَكْرَمُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي هُوَ مَجْمَعُ صِفَاتِ الكَمَالِ وَمَحَاسِنِ الخِصَالِ، قَدْ أَبْدَعَ اللهُ صُورَتَهُ العَظِيمَةَ، وَهَيْئَتَهُ الكَرِيمَةَ، وَطَوَى فِيهِ أَنْوَاعَ الحُسْنِ وَالبَهَاءِ، بِحَيْثُ يَقُولُ كُلُّ مَنْ نَعَتَهُ: لَمْ يُرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلُهُ.

وَلِذَلِكَ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى المُكَلَّفِ أَنْ يَتَعَرَّفَ إلى جَمَالِ هَذَا الرَّسُولِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَحَاسِنِهِ الخُلُقِيَّةِ، وَكَمَالَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ وَالرُّوحِيَّةِ، وَالقَلْبِيَّةِ وَالعَقْلِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ، وَذَلِكَ لِيَنَالَ مَقَامَ مَحَبَّتِهِ الصَّادِقَةِ، لِأَنَّ المَعْرِفَةَ هِيَ سَبَبُ المَحَبَّةِ، فَكُلَّمَا زَادَتِ المَعْرِفَةُ بِمَحَاسِنِ المَحْبُوبِ، زَادَتِ المَحَبَّةُ لَهُ.

قَالَ سَيِّدُنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ ـ وَكَانَ وَصَّافَاً عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي شَيْئَاً مِنْهَا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمَاً مُفَخَّمَاً يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. رواه البيهقي.

الوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ اطِّلَاعَ الإِنْسَانِ عَلَى أَوْصَافِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العَظِيمَةِ وَشَمَائِلِهِ الكَرِيمَةِ ـ لِيُعْطِيَ صُورَةً عِلْمِيَّةً تَنْطَبِعُ في القَلْبِ، وَتَرْتَسِمُ فِي المَخِيلَةِ، كَأَنَّهُ قَدْ رَأَى مَحْبُوبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ لِأَصْحَابِهِ أَوْصَافَ الرُّسُلِ قَبْلَهُ وَيُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ بِأَشْبَاهِهِمْ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَصِيرُونَ بِحَالٍ كَأَنَّهُمْ قَدْ رَأَوْهُمْ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ سَبِيلٍ للتَّعَرُّفِ بِهِمْ، وَأَقْرَبُ طَرِيقٍ للتَّحَبُّبِ فِيهِمْ.

جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حِينَ أُسْرِيَ بِي لَقِيتُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِذَا رَجُلٌ ـ حَسِبْتُهُ قَالَ ـ مُضْطَرِبٌ، رَجِلُ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ».

قَالَ: «وَلَقِيتُ عِيسَى ـ فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِذَا رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ» (يَعْنِي حَمَّامَاً).

قَالَ: «وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ».

قَالَ: «فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَـشَرِبْتُهُ، فَقَالَ: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ ـ أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ـ أَمَّا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أنَّ في ذِكْرِ شَمَائِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَسَمَاعِ أَوْصَافِهِ وَنُعُوتِهِ، تَحْيَا قُلُوبُ المُحِبِّينَ، وَتَطْرَبُ أَروَاحُهُمْ وَعُقُولُهُمْ، وَيَزْدَادُ حُبُّهُمْ، وَيَتَحَرَّكُ اشْتِيَاقُهُمْ.

قَالَ العَارِفُ الكَبِيرُ الشَّيْخُ أَبُو مَدْيَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

وَنَـحْـيَا بِذِكْرَاكُمْ إِذَا لَمْ نَرَاكُمُ   ***   أَلَا إِنَّ تَـذْكَـارَ الأَحِـبَّـةِ يُـنْـعِشُنَا

فَلَوْلَا مَـعَـانِيكُمُ تَرَاهَا قُلُوبُنَا   ***   إِذَا نَحْنُ أَيْقَاظٌ وَفِي النَّوْمِ إِنْ غِـبْنَا

لَمُتْنَا أَسَىً مِنْ بُعْدِكُمْ وَصَبَابَةً    ***   وَلَكِنَّ في المَعْنَى مَـعَانِيكُمُ مَـعَـنَـا

يُحَرِّكُنَا ذِكْرُ الأَحَادِيثِ عَنْكُمُ    ***   وَلَوْلَا هَوَاكُم في الحَـشَا مَا تَحَرَّكْنَا

يُحَرِّكُنَا ذَكِرُ الأَحَادِيثِ عَنْكُمُ   ***   وَلَوْلَا هَوَاكُمْ في الحَشَا مَا تَحَرَّكْنَا

وَرَحِمَ اللهُ القَائِلَ:

أَخِلَّايَ إِنْ شَطَّ الحَبِيبُ وَرَبْعُهُ    ***   وَعَـزَّ تَـلَاقِيهِ وَنَـاءَتْ مَـنَـازِلُه

وَفَـاتَـكُـمْ أَنْ تَـنْظُرُوهُ بِعَيْنِكُمْ   ***   فَمَا فَاتَكُمْ بِالسَّمْعِ هَذِي شَمَائِلُه

يَا رَبِّ، نَسْأَلُكَ حَقَّ الاتِّبَاعِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 16/ ربيع الأول /1439هـ، الموافق: 4/ كانون الأول / 2017م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2650 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2650
12-03-2021 1471 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1471
19-02-2021 995 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 995
20-11-2020 4144 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4144
13-11-2020 1896 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1896
06-11-2020 980 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 980

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412017628
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :