7ـ أخلاق وآداب: هكذا يجب أن نكون

7ـ أخلاق وآداب: هكذا يجب أن نكون

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فَقَدْ غَذَّى الإِسْلَامُ الدَّافِعَ الجَمَاعِيَّ، وَعَمِلَ عَلَى تَنْمِيَتِهِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَحَثَّ عَلَى لُزُومِ الجَمَاعَةِ، وَحَذَّرَ مِنَ الفُرْقَةِ وَالانْفِرَادِيَّةِ، مَا لَمْ تَفْسُدِ الجَمَاعَةُ فَسَادَاً عَامَّاً، وَذَلِكَ لِمَا في الجَمَاعَةِ مِنْ خَيْرٍ عَظِيمٍ، وَفَوَائِدَ جَلِيَّةٍ للفَرْدِ وَالجَمَاعَةِ.

لِأَنَّ لُزُومَ الجَمَاعَةِ يَزِيدُ مَقَادِيرَ القُوَّةِ، وَالقُوَّةُ المُجْتَمِعَةُ تَصْمُدُ أَمَامَ القِوَى المُعَادِيَةِ، وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ يُهَذِّبُ الأَخْلَاقَ وَيُدَرِّبُ عَلَى اكْتِسَابِ الفَضَائِلِ، هَذَا إِذَا كَانَتِ الجَمَاعَةُ صَالِحَةً.

وَإِذَا كَانَ الإِنْسَانُ يُتَّهَمُ في النُّصْحِ فَعِنْدَ المُؤْمِنِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الصَّادِقُ الأَمِينُ المَأْمُونُ، لِذَلِكَ لِنُلْقِ السَّمْعَ لِوَصَايَا سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ:

يَرْوِي الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثَاً، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثَاً، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئَاً، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ».

وَيَرْوِي الإمام الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ».

وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ في الإِنْسَانِ السَّوِيِّ صَاحِبِ الخُلُقِ الحَسَنِ، لِأَنَّهُ آلِفٌ مَأْلُوفٌ، كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العَبْدَ المُؤْمِنَ في الحَدِيثِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ». فَالذي لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ لَا خَيْرَ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَنَانِيٌّ لَا يُحِبُّ إِلَّا ذَاتَهُ.

وَالإِنْسَانُ الأَنَانِيُّ نَافِرٌ وَمُنَفِّرٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَمِّقَ الصِّلَةَ مَعَ الآخَرِينَ، وَهُوَ عَلَى العَكْسِ مِمَّا جَاءَ بِهِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوبِ التَّمَاسُكِ وَالتَّعَاوُنِ، كَمَا يَرْوِي الإمام مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ».

وَكَمَا يَرْوِي الإمام مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».

هَكَذَا أَرَادَ الإِسْلَامُ مِنَّا، وَهَكَذَا عَلَّمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحَتَّى جَاءَتْ كَثِيرٌ مِنَ النُّصُوصِ القُرْآنِيَّةِ تُشِيرُ إلى ذَلِكَ التَّمَاسُكِ، وَعَلَى أَنَّ الفَرْدَ المُؤْمِنَ في الجَمَاعَةِ المُؤْمِنَةِ هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا، قَالَ تعالى في مَسْأَلَةِ الأَمْوَالِ وَأَكْلِهَا: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾.

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامَاً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلَاً مَّعْرُوفَاً﴾.

وَقَالَ في مَسْأَلَةِ اللَّمْزِ: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ﴾.

لِذَلِكَ أَقُولُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُنَمِّيَ رُوحَ الجَمَاعَةِ في المُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ أُمُورٍ أَهَمُّهَا:

أولاً: لُزُومُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ مَعَ الانْتِبَاهِ إلى التَّرَاصِّ بِالمَنَاكِبِ وَتَقَارُبِ الصُّفُوفِ مَعَ تَسْوِيَتِهَا، تَشَبُّهَاً بِالمَلَائِكَةِ الكِرَامِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ».

قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حَلَقَاً فَقَالَ: «مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ».

قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟».

فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟

قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ».

وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ، وَلِينُوا فِي أَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفَّاً وَصَلَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَمَنْ قَطَعَ صَفَّاً قَطَعَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى».

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَهْتَمُّ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، وَيَقُومُ عَلَى تَسْوِيَتِهَا، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أبو داود عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا، وَيَقُولُ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ».

وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ».

وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ كَمَا روى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ: «اسْتَوَوْا تَسْتَوِي قُلُوبُكُمْ، وَتَمَاسُّوا تَرَاحَمُوا» تَمَاسُّوا: ازْدَحِمُوا في الصَّلَاةِ.

ثانياً: الصَّبْرُ عَلَى بَعْضِنَا البَعْضِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرَاً﴾.

وَلِمَا روى الترمذي وابن ماجه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرَاً مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ».

وَمَنْ أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِالصَّبْرِ كَانَ كَاظِمَاً لِغَيْظِهِ وَيَدْفَعُ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ، وَبِذَلِكَ يَنَالُ دَرَجَةَ المُتَّقِينَ التي أَشَارَ إِلَيْهَا تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾.

لِذَلِكَ وَجَّهَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ إلى هَذَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم﴾.

ثالثاً: الإِيثَارُ الذي هُوَ رُتْبَةٌ عَالِيَةٌ مِنْ مَرَاتِبِ الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ التي يَسْتَحِقُّ الإِنْسَانُ الحَمْدَ عَلَيْهَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لِأَنَّ صَاحِبَ الإِيثَارِ قَلْبُهُ مُحِبٌّ رَحِيمٌ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ المُؤْمِنِ الصَّادِقِ الذي يَتَعَامَلُ مَعَ اللهِ تعالى، وَيَبْتَغِي رِضْوَانَهُ، وَيَرْجُو لِقَاءَ اللهِ تعالى.

وَهَذَا جَسَّدَهُ اللهُ تعالى لَنَا في أَطْهَرِ مُجْتَمَعٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، أَلَا وَهُوَ مُجْتَمَعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ تعالى فِيهِمْ: ﴿لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِّنَ الله وَرِضْوَانَاً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾.

وَنَحْنُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَسَّى بِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ لِنَنَالَ مَا نَالُوا، كَمَا قَالَ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم﴾.

فَإِنْ كُنَّا مِمَّنِ اتَّبَعَهُمُ انْطَبَقَ عَلَيْنَا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلَّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾. هَؤُلَاءِ الذينَ سَلِمَتْ قُلُوبُهُمْ وَطَهُرَتْ مِنْ كُلِّ خُلُقٍ ذَمِيمٍ فَأَحَبُّوا غَيْرَهُمْ، وَمَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ آثَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ.

وَأَخِيرَاً أَسُوقُ لِنَفْسِي وَلَكُمْ هَذَا المَثَلَ الرَّائِعَ في الإِيثَارِ.

روى الشيخان وَاللَّفْظُ لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ.

فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ.

فَقَالَ: «مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ الله»؟

فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟

قَالَتْ: لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي.

قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ، قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ.

فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «قَدْ عَجِبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ».

تَعَالَوُا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ في اللهِ أَنْ نَجْعَلَ لَنَا هَدَفَاً في هَذِهِ الحَيَاةِ، وَهُوَ أَنْ نَكُونَ كَمَا يُحِبُّ اللهُ لَنَا وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا كَذَلِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم أحمد النعسان

يرجوكم دعوة صالحة

**      **    **

 2008-04-06
 20836
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أخلاق و آداب

08-10-2020 960 مشاهدة
59ـ آداب المريض (4)

لَقَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ أَنَّ مِنْ آدَابِ المَرِيضِ: 1ـ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ المَرَضَ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. 2ـ أَنْ يَأْخُذَ الدَّوَاءَ. 3ـ أَنْ يَرْقِيَ نَفْسَهُ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى ... المزيد

 08-10-2020
 
 960
08-10-2020 618 مشاهدة
58ـ آداب المريض (3)

لَقَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ أَنَّ مِنْ آدَابِ المَرِيضِ: 1ـ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ المَرَضَ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. 2ـ أَنْ يَأْخُذَ الدَّوَاءَ. 3ـ أَنْ يَرْقِيَ نَفْسَهُ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى ... المزيد

 08-10-2020
 
 618
11-03-2020 1046 مشاهدة
57ـ آداب المريض (2)

مِنَ الوَاجِبِ عَلَى العَبْدِ المُؤْمِنِ أَنْ يَرُدَّ المَظَالِمَ إلى أَهْلِهَا في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُقُوقِ العِبَادِ، لِأَنَّ حُقُوقَ ... المزيد

 11-03-2020
 
 1046
05-03-2020 1092 مشاهدة
56ـ آداب المريض (1)

ا يُقَدِّرُ نِعْمَةَ اللهِ تعالى إِلَّا مَنْ فَقَدَهَا، فَالصِّحَّةُ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا، لَا يُقَدِّرُهَا إِلَّا المَرْضَى، فَكَمْ مِنْ نِعْمَةٍ قَدْ غَفَلْنَا عَنْهَا؟ وَكَمْ مِنَ النِّعَمِ قَدْ قَصَّرْنَا بِوَاجِبِ شُكْرِهَا، ... المزيد

 05-03-2020
 
 1092
16-01-2020 1639 مشاهدة
55ـ أبشر أيها المريض

لَقَدْ جَعَلَنَا اللهُ تعالى عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَبَيَّنَ لَنَا الغَايَةَ مِنْ خَلْقِنَا، فَقَالَ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. وَمِنَ العِبَادَةِ الصَّبْرُ عَلَى الابْتِلَاءَاتِ ... المزيد

 16-01-2020
 
 1639
08-01-2020 1465 مشاهدة
54ـ آداب النظر (2)

إِسْلَامُنَا لَا يَرْضَى لَنَا أَنْ نَأْتِيَ الفَوَاحِشَ، بَلْ يَنْهَى عَنْ قُرْبَانِهَا فَضْلَاً عَنْ إِتْيَانِهَا، وَهُوَ يُحَرِّمُ الوَسَائِلَ، وَيَسُدُّ الأَبْوَابَ التي تُؤَدِّي إِلَيْهَا، لِهَذَا جَاءَتْ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ، وَنُصُوصٌ ... المزيد

 08-01-2020
 
 1465

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411942922
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :